في سيناريو مُحكم كتبه المخرج
الإيراني أصغر فرهادي Asghar
Farhadi يقدم لنا
الفيلم الإسباني الجديد Everybody
Knows الجميع
يعرفون، أو حسب الاسم الأصلي للفيلم Todos Lo Saben؛ ليناقش من خلاله الكثير من المشاعر المتناقضة، وغيرها من الأحقاد
الاجتماعية التي تُحرك العديد من الأسر والمجتمعات؛ ومن ثم تسيطر على العلاقات
وردود الأفعال المتباينة غير المنتظرة من الآخرين.
إذن، كعادة المخرج الإيراني
في أفلامه السابقة يهتم أيما اهتمام بالعلاقات الاجتماعية والأسرية. وإذا ما كنا
قد عهدنا دائما أن الفيلم الذي يتناول العلاقات الأسرية يهتم في المقام الأول
بنقاش المُثل والمبادئ والقواعد التي لا بد أن تكون عليها الأسرة؛ فإننا هنا أمام
فيلم يختلف فيما عهدناه؛ لأنه يحرص على تقديم الأحقاد المدفونة والمستترة لدى العديد
من أفراد الأسرة وكيفية شيوعها وظهورها على السطح للجميع من خلال حدث مفصلي في
السيناريو الذي كتبه وقام بإخراجه.
بوستر الفيلم |
إننا أمام أسرة في الريف
الإسباني يبدو عليها التماسك والحب في ظاهرها، وإن كانت الحقيقة أن ثمة مشاعر
دفينة لا يعرف عنها أحد شيئا في قلب كل فرد من أفراد هذه الأسرة. هذه المشاعر
تتحين الفرصة المناسبة للخروج؛ لتنفجر في وجه الجميع، ومن ثم تصبح العلاقات بينهم
متوترة شديدة الحقد، وربما الكراهية أيضا؛ الأمر الذي يجعلهم يتغيرون جميعا إلى
الأبد بحيث لا يستطيعون العودة مرة أخرى إلى أسلوب حياتهم القديم الذي كان يسوده
الاستقرار الظاهري الذي يبدو للجميع.
من خلال حدث مفصلي ومُحرك
للجميع- حفل زفاف آنّا التي قامت بدورها الممثلة الإسبانية Inma Cuesta إينما كويستا- تعود الشقيقة الكبرى لاورا الممثلة الإسبانية Penélope
Cruz بينلوبي
كروز إلى قريتها في الجنوب الإسباني من الأرجنتين- حيث تزوجت إليخاندرو الممثل
الإسباني Ricardo Darin ريكاردو دارين الأكبر منها في
العمر وعاشت معه هناك- ومعها ابنتها المراهقة إيرينا وطفلها الصغير؛ لحضور حفل
زفاف الشقيقة الصغرى.
يقدم
لنا المخرج أصغر فرهادي من خلال العشرين دقيقة الأولى في فيلمه استعراضا بانوراميا
للعائلة الكبيرة التي يبدو لنا أنها تمتلك مكانة كبيرة في القرية الفقيرة؛ فالأب
كان مالكا لكل أراضي القرية فيما قبل، وهي الأراضي التي ضاعت منه نتيجة المقامرة
عليها أو إفراطه في الشراب، ولكن رغم ضياع ثروته ما زالت الأسرة تتمتع بمكانتها
غير الهينة في هذه القرية، وهو من خلال هذا الاستعراض للعائلة يقدم لنا الكثير من
الشخصيات التي يبدو السيناريو مزدحما بها للوهلة الأولى، وإن كان المشاهد فيما بعد
سيستطيع تمييز كل شخصية عن الأخرى حينما يعتادها على طول الفيلم الذي تعدى
الساعتين.
نلاحظ
منذ بداية الفيلم أن ثمة مشاعر ما، أو علاقة بين كل من لاورا- الابنة الكبرى
العائدة لحضور زفاف شقيقتها- وبين باكو- الممثل الإسباني Javier Bardem خافيير
باردم- الذي كان يعمل في الماضي كخادم في منزل العائلة، لكنه اشترى فيما بعد جزءا
كبيرا من الأرض وحوله لكرمة يستزرع فيها العنب، ويعمل فيها عدد كبير من أهل القرية
الفقراء، هذه المشاعر أو العلاقة- التي نظنها- سرعان ما تتأكد لنا حينما تصعد ابنة
لاورا المراهقة لبرج الكنيسة حيث الساعة الضخمة هي وابن شقيق باكو المتعلق بها،
وهناك يخبرها أن الحرفين المحفورين على جدار البرج يخصان أمها وباكو؛ حيث كانا
يرتبطان بعلاقة حب ملتهبة لسنوات طويلة فيما قبل، وحينما تندهش الفتاة وتسأله عن
كيفية معرفته لذلك يقول لها بثقة: الجميع يعرفون.
ربما
كانت الجملة التي قالها الشاب لابنة لاورا هي المفتاح والرمز الأساس للفيلم
بالكامل؛ فالجميع، بالفعل، في هذه القرية يعرفون أسرار بعضهم البعض ويتشدقون بها
سرا، رغم أنهم جميعا يظنون أن أسرارهم مكتومة في صدورهم لا يعرف عنها أحد شيئا. أي
أن المخرج هنا كان بارعا في تقديم مفاتيح عالمه الاجتماعي كلما تقدم في الفيلم
قليلا، ولعل مشهد البداية الذي نرى فيه برج الكنيسة من الداخل والساعة العملاقة
بتروسها التي تتحرك بشكل رتيب إلى أن تدق أجراس الكنيسة كان من أهم المشاهد
البارعة التي تؤكد أن فرهادي يدرك جيدا كيفية تقديم عالمه من خلال المشاهد الذكية؛
فهذا المشهد يُدلل من خلاله على أهمية الوقت في هذا العالم الفيلمي، والوقت هنا
يلعب دورا حيويا قاتلا إذا لم نحاول السيطرة عليه.
مشهد
البداية ورمزية الوقت سنعرفها فيما بعد حينما نرى العائلة بكاملها في حفل الزفاف
بينما تشعر الفتاة إيرينا بالتعب وعدم الاتزان؛ فتأخذها أمها للدور العلوي لتنام؛
ومن ثم تعود لحفل زفاف شقيقتها مرة أخرى. تنقطع الكهرباء فجأة، وتصعد الأم
للاطمئنان على ابنتها التي تنام في غرفتها مع شقيقها الأصغر لكنها تكتشف اختفاء
الابنة، ووجود قصاصات من الصحف في فراشها تتحدث عن جريمة اختطاف كانت قد حدثت في
القرية منذ أربع سنوات ماضية، وتم قتل الطفلة المختطفة فيما بعد.
إن
حدث اختطاف إيرينا يعد الحدث المفصلي الثاني والأهم في الفيلم الذي كانت أحداثه
تسير بوتيرة هادئة وثابتة؛ مما يُدلل على أن المخرج كان شديد الدقة في كتابة
السيناريو والقصة منذ البداية؛ الأمر الذي أكسب الأحداث ثقة واتزانا حتى المشهد
الأخير؛ لأن اختطاف الفتاة المراهقة يقلب علاقات العائلة بالكامل ومن يحيطونها
أيضا من المعارف. هنا يبدو الأمر ظاهريا وكأنما الأسرة كلها تتعاون وتتحد من أجل
البحث عن إيرينا واستعادتها من خاطفيها، لكن الحقيقة أن أفراد هذه الأسرة بدأت
مشاعرهم الدفينة من الحقد القديم تظهر على السطح ليراها الجميع وينفضحون أمام
بعضهم البعض الواحد تلو الآخر. أبو لاورا ينفجر في وجه جيرانه الذين أخذوا منه
الأرض واشتروها بثمن بخس منذ ثلاثين عاما، كما ينفجر في وجه باكو- صديق الأسرة
والحبيب الأول لابنته- ويخبره أنه يدخل البيت ويخرج كأنه واحد من أفراد الأسرة رغم
أنه كان مجرد خادم في هذا البيت هو وأبيه، وأنه قد أشترى أرض ابنته منها بثمن بخس
أيضا مستغلا حاجتها المادية في التوقيت الذي اشتراها منها فيه، وأهل القرية
بالكامل يبدأون في الحديث السري عن العلاقة القديمة التي كانت تربط لاورا بباكو
حينما يرونه معضدا لها واقفا إلى جوارها في البحث عن ابنتها المخطوفة وكأنها ابنته
هو، والأم الكبيرة تبدي الكثير من الغضب والسخط على باكو والآخرين الذين استغلوا
زوجها في الحصول على أراضيه، كما أن الجميع يظن أن إليخاندرو زوج لاورا مجرد رجل
ثري في الأرجنتين ويطمعون فيه.
أي
أن الجميع ظهروا لبعضهم البعض بجلاء، ولم يستطيعوا الاستمرار في إخفاء مشاعرهم
الدفينة التي يشوبها الكثير من الحقد والحسد تجاه غيرهم. هنا تصل رسالة لهاتف
لاورا تحذرها من إبلاغ الشرطة حتى لا يقوم الخاطفون بقتل الفتاة؛ لتشتعل الأحداث
وتتحول الأسرة كلها إلى باحث عن الفتاة في محاولة لإنقاذها.
يخبر
فرناندو- أحد أفراد الأسرة الذي قام بدوره الممثل الإسباني Eduard Fernández إدوارد فرناندز- أحد أصدقائه
- الذي كان يعمل في الشرطة وأصبح متقاعدا- بالأمر؛ لاستشارته، وهنا يبدأ المحقق في
التشكك في جميع أفراد الأسرة، بل ويؤكد للاورا أن مختطف ابنتها ليس بالشخص الغريب،
بل هو فرد من أفراد الأسرة، هنا تبدأ الكثير من التساؤلات التي لا تنتهي: هل قامت
إيرينا بالأمر بنفسها؛ وبالتالي لا تكون قد اختطفت، بل فعلت ذلك لعلاقتها مع ابن
أخي باكو وحبها له، أم أن أباها إليخاندرو نفسه هو من قام بتخطيط الأمر بنفسه من
الأرجنتين؛ نظرا لأنه متقاعد عن العمل منذ عامين ويمر بأزمة مالية كبيرة هي التي
دفعت لاورا لبيع أرضها لباكو بأي سعر؟ بل إن الشرطي المتقاعد يطرح سؤالا أكثر أهمية:
لِمَ تم اختطاف فتاة مراهقة من الممكن أن تُشكل صعوبة للمختطفين في حين أن اختطاف
أخيها الأصغر الذي كان ينام معها في نفس الغرفة هو الأسهل والأكثر ضمانا لهم؟
من
خلال هذا السؤال المهم تبدأ الأمور في التكشف؛ حيث نعرف أن إيرينا ليست ابنة
إليخاندرو زوج لاورا، بل هي ابنة باكو من علاقة غير شرعية حينما زارت القرية بعد
زواجها بثلاث سنوات، وحينما أخبرت زوجها الذي كان مدمنا للكحول في هذا التوقيت طلب
منها الاحتفاظ بالجنين وعدم الإجهاض كما تواعدا على أن يكون نسب إيرينا سرا لا
يمكن لأحد غيرهما أن يعرفه، ولكن رغم أنه كان من الأسرار المقدسة للزوجين، ورغم
أنهما لم يتفوها به لأحد آخر، إلا أن الحقيقة تؤكد أنه لم يكن ثمة أسرار دفينة في
هذه القرية؛ فالجميع يعرفون، أو يتشككون، وهناك من أفراد العائلة من يعرف أو يتشكك
في ذلك؛ لذلك تم اختطاف إيرينا ليكون هناك المزيد من الفرص لدفع فدية 300000 يورو؛
فإذا ما عجز إليخاندرو عن الدفع، فلا بد أن يدفع باكو الذي كان حبيبا للأم فيما
مضى.
الممثلة الإسبانية بينلوبي كروز |
ينصحهم
الشرطي المتقاعد بالتظاهر بأنهم يجمعون المال بالفعل من أجل دفعه للمختطفين لحين
التوصل إلى حقائق جديدة في هذه القضية التي لا يمكن لأحد إخبار الشرطة بها حتى لا
يقوم المختطفون بقتل الفتاة، ولكن خلال هذا التظاهر تزداد الأحقاد وردود أفعال
الجميع على بعضهم البعض. يبدأ باكو في التظاهر بأنه سيبيع نصيبه من الكرمة من أجل
مساعدة لاورا، ويأتي إليخاندرو إلى إسبانيا من الأرجنتين حينما يعلم باختطاف
ابنته، ويبدأ البعض في التشكك في إليخاندرو نفسه باعتباره هو من خطط لاختطاف ابنته
من أجل استغلال باكو، وإرغامه على بيع أرضه ودفع المال، لكن المفاجأة الحقيقية نعرفها
حينما تذهب لاورا إلى باكو مُتشككة في أنه من اختطف ابنتها انتقاما منها؛ لأنها
تركته في الماضي، وهنا تطلب منه عدم إيذاء الفتاة لأنها في حقيقة الأمر ابنته هو وليست
ابنة إليخاندرو؛ بسبب لقائهما الأخير منذ ستة عشر عاما.
يبدأ
باكو في بيع الكرمة من أجل إنقاذ ابنته، ورغم أن زوجته تتشكك فيما قالته لاورا
وترى أنها تحاول استغلاله بالكذب عليه من أجل المال، إلا أنه يؤكد لها أن الفتاة
ابنته هو بالفعل، وتتأكد الزوجة من صدق لاورا حينما تذهب إليها لتقول لها: إنها
ستخبر زوجها- إليخاندرو- بكذبها على باكو من أجل استغلاله؛ فتخبرها لاورا بأن
الزوج يعلم بكل شيء.
نلاحظ
منذ البداية أن الشقيقة الأخرى للاورا- روسيو التي قامت بدورها الممثلة الإسبانية Sara Sálamo سارة سلامو- كانت قد انفصلت عن زوجها الذي سافر
إلى ألمانيا بعدما أنجبا طفلة صغيرة، وحينما تسألها لاورا عن السبب تقول لها: مجرد
أننا لم نتفق. هذه الشقيقة الأخرى تذهب ذات ليلة إلى منطقة غير مأهولة على أطراف
القرية، وتخوض في الوحل من أجل الوصول إلى مكان مهجور يختبئ فيه الزوج الذي ادعت
للاورا أنهما قد انفصلا وسافر إلى ألمانيا، وهناك نراها ترجوه بإعادة الفتاة إلى
أمها؛ فاختطافه للفتاة من أجل المال- وهو ما اتفقا معا عليه لظنهما في ثراء زوج
لاورا- قد أدى إلى تدمير عائلتها بالكامل، لكن شريكه في الاختطاف يرفض ذلك، إلى أن
تتوصل معهما إلى اتفاق إطلاق سراح الفتاة في الفجر. حينما تعود روسيو إلى البيت
تسألها الأم الكبيرة عن سبب تأخرها عند الطبيب حينما تراها مرتبكة، لكنها تتعلل
بالعديد من الأعذار، وبينما تخرج الأم من الغرفة تلاحظ حذاء الابنة المتسخ بالوحل؛
فتعود إليها متشككة لتسألها عن سبب ابتلال بنطالها، هنا تضطرب الفتاة وتخبرها أنها
قد تقيأت في الطريق ومن ثم ابتلت ملابسها. لا تصدقها الأم وتخرج من الغرفة متشككة
بينما تتأمل حذاء الابنة الموحل.
المخرج الإيراني أصغر فرهادي |
يرسل
الخاطفون برسالة صوتية لباكو بصوت إيرينا تستغيث وتبكي بأنهم سيقتلونها إذا لم يتم
تسليم الأموال في موعدها الليلة وفي المكان المُحدد؛ فيسرع باكو إلى المكان لتسليم
النقود، لكن بينما ينتظر في سيارته تأتيه رسالة جديدة تخبره بأنهم سيلقون الفتاة
في النهر، وبالفعل يسمع صوت شيء ما يرتطم بسطح النهر المجاور له؛ فيسرع هابطا إلى
الشط معتقدا أنهم قد ألقوا بإيرينا بالفعل، لكنه حينما يعود إلى السيارة لا يجد
حقيبة المال، بينما يجد إيرينا موثقة اليدين والقدمين في المقعد الخلفي للسيارة
وهي في حالة إعياء تام.
حينما
تعود إيرينا إلى البيت يبدع المخرج أصغر فرهادي في مشهد المواجهة الصامت بين الأم
وابنتها روسيو الضالعة في اختطاف ابنة شقيقتها والتي تتشكك فيها الأم بدرجة أقرب
إلى اليقين؛ لا سيما أن الأم قد لاحظت أن حذاء حفيدتها إيرينا ملطخ تماما بالوحل،
وهي نفس ملاحظتها السابقة بتلطخ حذاء روسيو في الليلة الماضية؛ الأمر الذي أكد لها
أن روسيو لها علاقة وثيقة باختطاف الحفيدة. يعبر المخرج عن ذلك من خلال مشهد الأم
هابطة من حجرة حفيدتها بينما تصعد روسيو لرؤية إيرينا والاطمئنان عليها؛ فتتوقف
الأم في مواجهتها صامتة تماما متفحصة إياها بينما تبدو دلائل الاتهام في عينيها،
وفي المقابل تزداد روسيو أمامها ارتباكا وعجزا عن مواجهة الأم بعينيها.
إن
مشهد النهاية الذي اختتم به أصغر فرهادي فيلمه يؤكد اهتمام المخرج بالعلاقات
الاجتماعية والمشاعر الدفينة داخل كل فرد من أفراد المجتمع، أكثر من اهتمامه
بالحدث الذي أفرز هذه المشاعر على السطح؛ لينفضح الجميع أمام بعضهم البعض؛ فهو لم
يهتم بالكشف عن المختطفين رغم أننا قد عرفناهم، ولم يهتم بإعادة أموال باكو الذي
قدم كل ما يمتلكه كفدية لابنته، ولم يراع تتبع حياة باكو الزوجية التي تدمرت تماما
بسبب ما حدث، وهجر زوجته له، بل جعل لاورا تعود إلى الأرجنتين هي وأسرتها بينما
بدأ أفراد العائلة في التفرق بعد وداعها. هنا نرى الأم الكبيرة تجلس على أحد
المقاعد في الشارع وتطلب من فرناندو البقاء معها لأنها تريد أن تُفضي إليه بأمر
ما؛ لنرى تيترات النهاية مباشرة حينما يجلس إليها، أي أن كل ما يمكن أن يحدث بعد
ذلك ليس مهما لدى المخرج الذي أراد التركيز في المقام الأول على الأحداث التي يمكن
لها تفجير كل ما هو مُستتر لدى الجميع من أسرار ليتعروا أمام بعضهم البعض، وتنكشف الادعاءات
والمشاعر المزيفة، بل ولتصبح الأمور التي يظنها البعض منهم أسرارا دفينة مجرد مشاع
يعرفه الجميع ويدعي أنه لا يعرف عنه شيئا.
الممثل الإسباني إدوارد فرنانديس |
إن
الفيلم الإسباني "الجميع يعرفون" من الأفلام المهمة التي قدمها المخرج
الإيراني أصغر فرهادي، وهو من خلاله يتابع اهتمامه الذي عرفناه عنه في أفلامه
السابقة من اهتمام بالعلاقات الاجتماعية والإنسانية ومدى صدقها أو زيفها من خلال
بناء سيناريو مُحكم يتسم بالاتزان والثقة والهدوء في تحريك الأحداث؛ ليفضي في
النهاية إلى ما رسمه في ذهنه منذ البداية، كما يؤكد من خلال فيلمه أن خروج هذه
المشاعر على السطح لا بد لها أن تؤدي إلى تدمير حياة الجميع إلى الأبد؛ فهم جميعا
لن يعودوا مرة أخرى إلى حياتهم التي عهدوها بعدما حدث، ولعل وجود الممثلين بينلوبي
كروز، وخافيير باردم، وريكاردو دارين ومباراتهم الساخنة في الأداء كانت من أهم
العوامل التي ساعدت في تقديم فيلم جيد لا يمكن للمشاهد تناسيه بسهولة.
محمود الغيطاني
مجلة
تلي سينما
عدد
يناير 2020م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق