الخميس، 4 فبراير 2021

المُخربون. سينما كمال الشيخ المُتجددة

من المُمكن لنا القول بثقة: إن أفلام المُخرج كمال الشيخ صالحة للعرض في أي زمان مهما مرّ عليها الزمن، أي أنها تبدو طازجة دوما وكأنما مُخرجها قد انتهى من صناعتها لتوّه.

إن مُشاهدة السينما التي صنعها كمال الشيخ تؤكد لنا أنها مُتميزة عما قدمه غيره من المُخرجين في تاريخ السينما المصرية؛ ومن ثم لم يكن يتشابه مع غيره، بل نجح في تقديم السينما التي تخصه وحده حيث جو المُؤامرة الدائم والغموض والجريمة الذين يحيطون بقضية حيوية ومُهمة تخص المُجتمع الذي يحيطه، مما يعني أن الشيخ لم يعتمد على جو الإثارة فقط فيما قدمه من أفلام، بل جعل دائما في خلفية هذه الإثارة والجريمة والجو البوليسي القضية التي يستطيع مُناقشتها، وهي في الغالب قضية اجتماعية تترك بآثارها على المُجتمع من حوله.

عام 1967م قدم لنا الشيخ فيلمه "المُخربون" عن قصة للصحفي إبراهيم البعثي، وسيناريو كل من حسن رمزي، وفتحي زكي، وحوار الروائي موسى صبري، ولعلنا نلاحظ اهتمام المُخرج هنا باللجوء إلى عالم الأدب والاعتماد على الكتاب في صناعة فيلمه لاسيما أن الروائي موسى صبري هو كاتب الحوار لقصة إبراهيم البعثي، بينما شارك حسن رمزي في كتابة السيناريو، حيث كان رمزي هو مُنتج الفيلم.

يبدأ الشيخ فيلمه على أخبار ساخنة في الجرائد تفيد سقوط مدرسة نتيجة الغش في البناء، وحديد التسليح، وهي القضية التي تشغل الرأي العام، لا سيما أن المدرسة انهارت أثتاء الليل؛ فنجت أعدادا لا تُعد من الطلاب الذين كان مُقدرا لهم أن يموتوا لو انهارت أثناء اليوم الدراسي.

تنتدب الوزارة المُهندس عادل الكيلاني مُراقب عام المباني بوزارة الإسكان- قام بدوره المُمثل أحمد مظهر- ليكتب تقريره بشأن انهيار المدرسة، حيث يؤكد أثناء شهادته في المحكمة أنه بعد الفحص قد تأكد من وجود غش في الرمل والأسمنت وحديد التسليح؛ الأمر الذي أدى إلى انهيار البناء وعدم قدرته على التحمل؛ وبالتالي تحكم المحكمة على المقاول ومن يعملون معه بخمسة عشر عاما في السجن.

نشاهد المُهندس عادل في بيته أثناء قراءته لحُكم المحكمة في الجريدة، وهو الحُكم الذي تلمحه زوجته سميرة- قامت بدورها المُمثلة لبنى عبد العزيز- لتقول مُندهشة: ياه، 15 سنة؟! ليرد عليها: شوية عليهم، كان لازم إعدام، دول ناس مُجرمين أشرار. هنا يتدخل ابنه الصغير ليسأله: يعني إيه أشرار يا بابا؟ فيجيبه: يعني يا حبيبي ناس بطالين بيعملوا حاجات وحشة تغضب ربنا. فيسأله الطفل: زي إيه؟ ليرد عليه: يقتلوا ويسرقوا، أي حاجة وحشة.

سيتضح لنا أهمية هذا الحوار الذي دار بين الأب وابنه فيما بعد، حينما يتم اتهام المُهندس عادل بالرشوة ويُسجن بسبب ذلك سبع سنوات؛ حيث سيشعر الطفل بالغضب الشديد من والده باعتباره من المُجرمين الذين كان يتحدث عنهم الأب؛ ومن ثم يهرب الابن من بيته.

يتم استدعاء المُهندس عادل إلى إحدى أهم شركات المقاولات التي يعمل فيها صديق عمره حمدي- قام بدوره المُمثل عُمر الحريري- وهناك يعرف أن الشركة قد قامت بانتدابه للعمل لديها نظرا لكفاءته المهنية؛ فيرحب حمدي كثيرا بوجود صديق عمره معه في العمل.

سنلاحظ أن الصداقة بين عادل وحمدي عميقة حتى أنه من الطبيعي أن يزور حمدي بيت عادل في أي وقت، ونراه كثيرا ما يداعب ابنه وترحب به الزوجة، حتى أنه يشاركهما عيد زواجهما ويحتفل بهما بشكل مُبالغ فيه كدليل على الصداقة العميقة التي تربطه بعادل وعائلته.

نشاهد عادل غير مرة مُختلفا مع المقاول عُمر الشيال- قام بدوره المُمثل وجيه عزت- وهو المقاول الذي يتولى إنشاءات الشركة وتنفيذها؛ لأن عادل غير راض عن نسب الحديد والأسمنت التي يستخدمها المقاول؛ ويرغمه كثيرا على إعادة العمل مرة أخرى، لكن المقاول يحاول رشوة عادل بدراجة لطفله، وهو ما يرفضه ويعيدها إليه مرة أخرى، ويطلب منه عدم تكرار ذلك، لكن عُمر الشيال يظن أن الدراجة لم تكن كافية؛ فيترك له ظرفا فيه مبلغ ألف جنيه في مكتبه أثناء مُغادرته بعد اجتماعهما لمُناقشة العمل، إلا أن عادل يلحظ الظرف، ويسرع باستدعائه لافتا نظره إلى أنه قد نسي هذا الظرف، وعليه ألا ينسى مثل هذه الأشياء مرة أخرى.

هنا يشعر عادل بالقلق من المقاول الذي يخالف دائما في المواصفات، ويصر على رشوته بكافة الطرق؛ فيطلب من مُدير الشركة تحليل عينات من المباني السابقة التي نفذها عمر الشيال للشركة للتأكد من نزاهته وأنه لم يغش في المواصفات، وهو الأمر الذي يوافقه عليه مُدير الشركة ويستدعي حمدي مُخبرا إياه بالأمر كي يجهز هذه العينات للمُهندس عادل بعدما يعود من السويس حيث سيسافر؛ لاستلام مجموعة من المباني هناك.

يدخل حمدي مكتب عادل ليقول له: فكرك العينات اللي هتاخدها هتبين أي حاجة؟ دي مباني مبنية من مدة طويلة؛ فيرد عليه عادل: وماله، كونها قديمة أو جديدة دا ميفرقش، احنا هنحلل العينات اللي هناخدها من المباني، ونفصل الرمل لوحده، والزلط لوحده، والأسمنت لوحده، ونشوف إذا كانت النسب مُطابقة للمواصفات ولا لأ، وإذا ثبت إن فيه غش يبقى فيه حد قطعا من الشركة بيساعده، ولازم نعرفه يا حمدي.

المخرج كمال الشيخ
هنا يبدو على وجه حمدي الكثير من الارتباك؛ لنعرف بأنه مُتورط ومُشارك للمقاول عمر الشيال في كل هذه المُخالفات. يقابل حمدي الشيال ويخبره بما يرغب عادل في فعله؛ فيقترح الشيال على حمدي أن يقوما بقتله للتخلص منه، لكن حمدي لا يوافق على قتل صديق عمره، ومن ثم يلفقان له تهمة الرشوة؛ فحمدي يعرف بشأن سفر عادل وأسرته إلى السويس من أجل استلام منشآت جديدة تخص الشركة، وبالتالي يجعلون إحدى السيدات منى- قامت بدورها المُمثلة ليلى فوزي- تدعي بأن سيارتها قد تعطلت بها في مُنتصف الطريق الذي سيسافر منه عادل بسبب إطار السيارة، وتطلب منه أن يمنحها رافعة سيارته؛ فيقوم عادل بتغيير الإطار لها في الوقت الذي كانت تقف فيه بجانب سيارة عادل وتقطع عقدها الذي ينفرط على الأرض؛ فتقوم سميرة زوجة حمدي بمحاولة جمع حبات القرط المُنفرط في الوقت الذي تدس فيه ظرفا فيه ألف من الجنيهات داخل حقيبة عادل الشخصية.

يصل عادل وأسرته إلى الفندق، لكنه يجد الشرطة في انتظاره ليقومون بتفتيشه والعثور على الظرف الذي قام الشيال بالإبلاغ عنه باعتباره كان مُرغما على أن يمنحه لعادل، وفي النيابة يتواجه كل من عادل وعُمر الشيال الذي يدعي أن المُهندس عادل منذ قدم إلى الشركة وهو يضايقه في عمله مُدعيا أنه لا يطابق المواصفات بسبب رغبته في الحصول على الرشوة، وبما أن هذه الأفعال من المُمكن لها أن تهز سُمعته كمقاول؛ فلقد حاول مُهادنة عادل، وأبلغ الشرطة برغبة عادل في الحصول على الرشوة واتفق معهم على أن يعطيه ألفا من الجنيهات المُتسلسلة الأرقام. يحاول عادل إنكار ما حدث، وحينما يسأله النائب العام عن سبب تواجد الأموال في حقيبته يتذكر أمر منى/ السيدة التي تعطلت سيارتها في الطريق، ويخبر النائب العام بأنها هي من دست المال عليه في حقيبته؛ فالحقيبة لم تكن مُتاحة لأي شخص آخر سواها، لكنه لا يعرف عنها أي شيء سوى أنها كانت تستقل سيارة مرسيدس رمادي لم يلمح أرقامها؛ الأمر الذي يجعل النائب العام يأمر بحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق لعدم قدرته على إثبات ما يدعيه بشأن هذه السيدة.

ربما كان أهم ما يميز سينما كمال الشيخ هو تداخل الأحدث وجو المؤامرة إلى حد التعقيد؛ الأمر الذي قد يجعل القضية عصية على الحل، إلا أنه دائما ما يجد المخرج من هذه المؤامرة التي أدخل فيها شخصياته. هذا التداخل والتعقد سنلاحظه في كون حمدي صديقا لأسرة عادل وليس لعادل فقط، وهو ما يجعل سميرة تحكي له عن أمر منى التي توقفوا من أجل سيارتها، وهي المرأة التي يشكون فيها، وهي في نفس الوقت المرأة التي دسها حمدي على صديقه، أي أن كل ما يفكر فيه عادل أو زوجته يقومان بإخبار حمدي به؛ مما يجعلهم غير قادرين على اتخاذ خطوة للأمام في صالح القضية؛ لأن معرفة حمدي بتفكيرهم وخطواتهم تجعله يفسد عليهم الأمر دائما ويتخذ المزيد من الاحتياطات حتى لا يفسدا عليه الأمر ويستطيع عادل الخروج من هذه الحلقة المُحكمة.

يخبر حمدي منى بأنهم يشكون فيها، وأنهم قد أدلوا بأوصافها في محضر النيابة؛ ومن ثم فعليها الاختفاء وعدم الخروج كثيرا من بيتها حتى يتم الحُكم في القضية، وبالفعل يتم الحُكم على عادل بالأشغال الشاقة سبع سنوات بسبب الرشوة؛ مما يجعل سميرة تشعر بالكثير من الجنون محاولة البحث في كل مكان عن سيارة مرسيدس رمادية اللون.

كما أنها تفكر في محاولة إقناع الشركة بتحليل العينات التي رغب زوجها في تحليلها قبل سجنه لتثبت أن عُمر الشيال بالفعل مقاول فاسد وأنه هو من لفق التُهمة لزوجها، لكنها تخبر حمدي بما تفكر فيه مرة أخرى: حمدي، أنا جاتني فكرة مُدهشة مش عارفة ازاي مفكرناش فيها قبل كدا، أنا بقول: لو مُمكن نقنع مجلس إدارة الشركة إنه يفحص أعمال عُمر الشيال زي ما كان عادل عايز، 100% هيجدوا إن فيه غش، وإن الراجل دا دبر المُؤامرة دي لعادل عشان يخلص منه قبل ما يكشفه، إيه رأيك يا حمدي؟ فيرد عليها: زي ما تشوفي يا سميرة، أحاول، أحاول أوي، أنت عارفة إن كل أملي هو إثبات براءته.

إن إخبار سميرة لحمدي بما يدور في ذهنها يفسد عليها الأمر؛ ومن ثم يخبرها حمدي بأنه حاول على قدر جهده إقناع الشركة بما اقترحته، لكنهم يرفضون، بل وباتوا مُقتنعين بفساد عادل وتلقيه للرشوة!

أثناء شراء سميرة ملابس الموسم الدراسي الجديد لابنها يتركها فجأة مُبتعدا عنها حينما يلمح منى واقفة في انتظار المصعد للهبوط من داخل المحل الذي تشتري له أمه ملابسه منه، وحينما تبحث عنه تجده بعدما تكون منى قد أسرعت بالهبوط هاربة؛ فتسأله عن سبب ابتعاده عنها، ليخبرها بأنه كان يصافح السيدة التي قابلوها أثناء سفرهم، وهنا تسرع بالهبوط من أجل اللحاق بها، وبالفعل تلمح سيارتها لتقوم بتسجيل أرقامها.

ربما يتبادر إلى أذهاننا أن توصل سميرة إلى أرقام سيارة منى قد يحل القضية ويبرئ زوجها، وهو ما يمكن أن يتم بالفعل، لكن الخطأ الذي تقع فيه مرة أخرى، وفي رغبة من المُخرج من أجل تعقيد القضية أكثر، يجعلها تُهاتف حمدي لتخبره بالأمر: لقيتها يا حمدي، الست اللي بندور عليها، أيوة، نمرة عربيتها 2843، أنا عايزاك تيجي معايا المرور عشان نكشف عن النمرة. لكن حمدي يطلب منها أن تلتقيه في الأمريكين ويلحق بها مُؤكدا لها أنه قد قام بالفعل بالكشف على أرقام السيارة وأعطاها المعلومات الصحيحة التي تخص منى- سواء اسمها بالكامل، أو حتى عنوانها- فتطلب منه سميرة أن تذهب إليها وتطالبها بالاعتراف على ما فعلته: إيه رأيك، أنا عايزة أروح لها دلوقت؟ ليقول: لو رحتي لها باظ كل شيء، احنا لازم نفكر بطريقة نستدرجها بيها لحد ما تعترف. فتقول: معاك حق، هي عارفاني ولازم هتحترس مني، لازم نشوف حد متعرفوش، الله، أنت يا حمدي، لا شافتك ولا تعرف عنك حاجة. فيقول: أنا من الليلة هشوف طريقة. ويقنعها بأنه سيذهب إليها كي يرغمها على الاعتراف بجريمتها.

يذهب حمدي إلى منى ويخبرها بأن سميرة قد التقطت أرقام سيارتها، وأنه قد اضطر إلى إعطائها معلوماتها بالكامل؛ لأنه إذا لم يقم بذلك فإن المحامي الخاص بعادل كان من السهل عليه أن يأتي لهم بالمعلومات الصحيحة، ويطلب منها أن تتماسك وإذا ما تم استدعائها إلى النيابة لأخذ أقوالها فعليها أن تنكر معرفتها بأي شيء.

يعود حمدي لسميرة ويؤكد لها أنه قد ذهب لمنى وباتا صديقين وحاول مرارا أن يجعلها تعترف بأي شيء، لكنها لم تقل شيئا مما يدل على أنها بالتأكيد لا علاقة لها بالأمر، وأن ما يظنانه بأنها قد دست ظرف الأموال في حقيبة عادل مُجرد وهم، لكن سميرة لا تصدق هذا الاحتمال وتصر على أن منى هي من فعلت ذلك.

يسخر الأطفال في المدرسة من ابن عادل باعتبار والده مسجونا بسبب قضية رشوة، وهو الأمر الذي لم يكن يعلم عنه شيئا؛ حيث أخفت أمه عنه ما حدث، وهنا يشعر بالغضب الشديد لكون والده مُجرما ويهرب من المنزل إلى أن تعثر عليه الشرطة.

إن هروب ابن عادل من المنزل يدفعه للتفكير في الهروب من السجن من أجل العثور على منى وإثبات براءته بنفسه، وهو ما يقوم به بالفعل حينما يختفي أسفل صندوق الشاحنة التي تنقل الرمل إلى السجن، ثم يقوم بالاختفاء في قبو أحد مراكب النقل الراسية على النيل، وحينما يعثر عليه الريس علوان صاحب المركب- قام بدوره المُمثل عبد العليم خطاب- يرغب في تقديمه إلى الشرطة، لكن عادل يرجوه ألا يفعل ويحكي له حكايته بالكامل؛ الأمر الذي يجعل الريس علوان يتعاطف معه ويخفيه عنده في منزله.

يرسل عادل صاحبة البيت الذي يسكن فيه الريس علوان إلى زوجته، حيث تخبرها بأنه يرغب في رؤيتها، وبالفعل تذهب سميرة إليه في الوقت الذي كان يتابعها فيه النقيب عزت- قام بدوره المُمثل رشوان توفيق- الذي يهاجم البيت بقوته، لكن عادل يهرب بالقفز فوق أسطح البيوت المجاورة بعدما يلتقط مُسدس الريس علوان للدفاع عن نفسه به.

يسرع عادل بالذهاب إلى بيت صديقه حمدي الذي يُفاجأ به، ويطلب عادل منه أن يذهب معه إلى بيت منى فلا يستطيع حمدي التنصل من الأمر، لكنه يحاول إقناعه بالعدول عنه: أنا في الحقيقة خايف عليك من المحاولة دي، وكمان مش شايف إنها هتجيب نتيجة؛ فيرد عادل: قصدك إيه يعني؟ ليقول حمدي: الست دي مش باين إنها لها علاقة بالموضوع بتاعك. لكن عادل يقول: أنت أصلك على نياتك يا حمدي، أنا مُتأكد إن الست دي هي اللي حطت الفلوس، وبإيعاز من عمر الشيال، ودا اللي لازم أثبته الليلة دي بأي طريقة. ليرد حمدي: أنت عارف يا عادل إني أضحي بحياتي عشانك. لكن حمدي يحاول إبلاغ الشرطة بوجود عادل عنده في البيت، إلا أن عادل يدخل عليه حجرته أثناء محاولة الاتصال فيغلق الخط سريعا. تهاتف سميرة حمدي وتخبره بشأن عادل فيطمئنها بأنه عنده في البيت، وتخبره بأنها ستلحقه هناك، لكن عادل يرفض الانتظار ويتجه مع حمدي إلى بيت منى.

ما أن يوصل حمدي عادل إلى بيت منى، إلا ويعود مرة أخرى تاركا إياه، لكنه يتوقف في طريقه للاتصال بالشرطة مُدعيا بأنه السفرجي وأن أحد اللصوص قد دخل بيت السيدة منى، ولا يلبث أن يُهاتف عمر الشيال مُخبرا إياه بأمر عادل، وأنه قد أبلغ عنه الشرطة. يُهدد عادل منى بمُسدسه طالبا منها الاعتراف بما فعلته في الوقت الذي تصل فيه الشرطة؛ فيهددها عادل طالبا منها صرفهم، وبالفعل تقوم بصرف الشرطة في الوقت الذي يُهاتفها فيه حمدي ليسألها عن عادل، وهل وقع في قبضة الشرطة أم لا. يستمع عادل للمُكالمة فيطلب منها إخباره بأن الشرطة قد استوقفته بالفعل. هنا يطمئن حمدي ويخبرها بأنه في الطريق إليها.

يشعر عادل بالكثير من الدهشة حينما يعرف أن صديق عمره كان هو المُدبر لكل ما حدث له، لكن منى تشرح له الأمر، بأنه إذا ما كان قد أوقع بعُمر الشيال فإن حمدي بدوره كان من المُمكن أن يذهب إلى السجن؛ لأنهما يتشاركان في كل ما يتم، وهنا كان على حمدي أن يختار إما نفسه أو صديقه.

يصل حمدي إلى منزل منى ليُفاجأ بوجود عادل وتدور بينهما معركة طويلة تنتهي بحمدي مُصرّا على أنه لن يعترف بما حدث. لكننا لا بد لنا من مُلاحطة أن المعركة التي دارت بين كل من حمدي وعادل كانت من السذاجة والبدائية في تصميمها ما لا يمكن لها أن تُقنع أي شخص يراها، إلا أننا لا نستطيع إغفال الفترة الزمنية التي تمت فيها صناعة الفيلم حينما نتصدى لتناول الأفلام القديمة بالنقد، أي أننا لا يمكن لنا تناول مثل هذه الأفلام بنفس الطريقة النقدية التي نتناول بها الأفلام الحالية؛ نظرا لتغير التكنولوجيا، والتقدم الكبير الذي شهدته صناعة السينما عما كانت عليه في هذه الفترة الزمنية القديمة.

تصل سميرة إلى بيت منى في الوقت الذي كان فيه النقيب عزت مُتابعا لها مع قوته، ويقومون بالقبض على الجميع مُخبرا حمدي أنه يعرف كل شيء؛ حيث كان تليفون عُمر الشيال مُراقبا، وأنهم قد قاموا بتسجيل مُكالمته له قبل القدوم إلى بيت منى.

رغم أن فيلم المُخربون للمُخرج كمال الشيخ قد تمت صناعته عام 1967م إلا أنه ما زال يحمل من الحيوية والنضج والإتقان ما يجعله صالحا للعرض حتى اليوم وكأنما المُخرج قد انتهى لتوّه من صناعته، ولعل أداءا عُمر الحريري وأحمد مظهر كانا من الإتقان ما جعلهما في مُنافسة تمثيلية حقيقية بينهما لإثبات مهارة كل منهما في التمثيل، لكن أداء لبنى عبد العزيز كان من الفتور والاصطناع ما جعلنا غير قادرين على التفاعل معها، حتى أن المُشاهد قد يظن أنها قد أُرغمت على أداء هذا الدور؛ مما جعل تمثيلها شديد البرودة وكأنها لا تشعر بالشخصية التي تؤديها، وغير قادرة على التفاعل مع مشاعرها والمواقف التي توضع فيها، بل كانت مُنفصلة عنها تمام الانفصال؛ مما جعل دور الزوجة غير مُؤثر بسبب المُمثلة!

 

محمود الغيطاني 

مجلة الكرمة

عدد يناير 2021م