الاثنين، 13 أكتوبر 2025

خدمة الغرف: كوميديا الإخوة ماركس الفاترة!

رغم النجاح الشعبي الكاسح الذي غالبا ما يكون من نصيب جل أفلام The Marx Brothers الإخوة ماركس، باعتبارهم فريقا فنيا كوميديا ذا خصوصية فيما يقدمونه من كوميديا سينمائية- كانت من أهم الكوميديات التي تم تقديمها في السينما الأمريكية، وأشهرها على الإطلاق في بدايات القرن الماضي-  ورغم تعاونهم الدائم مع ستوديوهات MGM، وهو ما عاد على هذه الاستوديوهات بالكثير من الربح والنجاح، إلا أننا سنُلاحظ بأن فيلم Room Service خدمة الغرف 1938م، للمُخرج الأمريكي William A. Seiter وليام أ. سيتر، كان مُختلفا تماما في كل الظروف المُحيطة به عن أفلامهم الأخرى، بل إن هذا الاختلاف انسحب على تلقي الفيلم بدوره، ومن ثم كان من أكثر أفلام الإخوة ماركس فتورا، وإملالا، وابتعادا عن الكوميديا التي يتميزون بها، بل ويتناساه الكثيرون حينما يذكرون قائمة أفلامهم، وكأنه لم يكن!

أول هذه الظروف أن هذا الفيلم هو الوحيد من بين أفلامهم الذي كان من إنتاج الإخوة ماركس لصالح ستوديوهات RKO Radio Picture، حيث كان Chico Marx شيكو ماركس- أحد الإخوة- مدينا بالكثير من الأموال بسبب إدمانه للمُقامرة؛ وهو ما دفع أخوهم الرابع- المُنفصل عن الفريق- Zeppo Marx زبو ماركس إلى تولي مهمة إنتاج فيلم لهم لصالح ستوديوهات RKO، وبما أن الإخوة في ذلك الوقت كانوا على خلاف كبير مع ستوديوهات MGM التي يعملون لصالحها، ونتيجة لتحمس ستوديوهات RKO للإخوة باعتبارهم فريقا كوميديا ناجحا، ومن ثم سيعودون على الاستوديوهات بالكثير من الأرباح، فلقد اجتمعت الظروف بالكامل وتصالحت على أن يكون هذا هو الفيلم الأول- والوحيد- من إنتاجهم بعيدا عن الاستوديوهات التي يعملون دائما لصالحها.

في هذه الأثناء كان ثمة مسرحية ناجحة إلى حد كبير تُعرض على مسارح Broadway برودواي بعنوان Room Service خدمة الغرف، اشترك في كتابتها كل من الكاتب المسرحي الأمريكي John Murray جون موراي، وكاتب الأغاني والكاتب المسرحي الأمريكي Allan Boretz ألان بورتز، ونتيجة لهذا النجاح المدوي ظن المسؤولون عن ستوديوهات RKO أن شراء حق تحويلها إلى فيلم سينمائي، وتمثيل الإخوة ماركس في هذا الفيلم من شأنه أن يعود عليهم بالكثير من النجاح، والأموال الطائلة، وهو ما جعلهم يتنافسون على شراء حقوق تحويل المسرحية إلى فيلم، ونجحوا بالفعل في ذلك، لكنهم- رغم كل شيء- لم ينتبهوا إلى موضوع جوهري وأساس، وهو ما يؤدي بجميع أفلام الإخوة ماركس إلى النجاح وحصد الأموال.


إن جل أفلام الإخوة ماركس السابقة، والتالية كانت إما من كتابتهم هم شخصيا، أو تمت كتابتها خصيصا لهم، وهو ما كان يجلب لهم الكثير من النجاح لأن الشخصيات التي تتم كتابتها تكون مكتوبة، وفي اعتبار الكاتب شخصية كل منهم الفنية، وما يميزه من أداء، أو اللازمة الفنية التي يبرع فيها. من هنا كان يأتي نجاح أفلامهم الواسع، ومن ثم شهرتهم كأفضل فريق فني قادر على تقديم الكوميديا بأسلوبية تخصهم، أما في هذا الفيلم فلقد كانت التجربة مُختلفة تماما، والبون بينها وبين ما سبق من أفلام شاسع- وهو ما ظهر بالفعل بأثره على الشاشة بعد الانتهاء من تنفيذ الفيلم- فالمسرحية الأصلية في الأساس لم تتم كتابتها للإخوة ماركس، ولم يكن في ذهن كاتبيها أي من الإخوة ماركس باعتبارهم سيقومون بتمثيل هذا العمل، ورغم أن المسرحية تم تكييفها من أجل مُناسبتها للفريق، وللسينما إلا أنها ظلت مُختلفة عنهم تماما، غير قادرة على إظهار إمكانياتهم الكوميدية، وأسلوبيتهم التي سبق لنا رؤيتها في أفلامهم السابقة؛ ومن ثم بدا لنا الفيلم هنا فيلما ماركسيا، لكنه خالٍ تماما من الماركسية التي تتميز بها أفلامهم- الماركسية هنا نسبة لكنيتهم، وليست نسبة للاتجاه الأيديولوجي.

لم يتوقف الأمر هنا على عدم مُناسبة الشخصيات الفيلمية لشخصيات الإخوة ماركس، ومن ثم تقييدهم، وعجزهم عن الانطلاق كما في غير هذا الفيلم من أفلام سابقة أو تالية، بل تعدى الأمر ذلك إلى أن الفيلم بات مُقيدا بالروح والمكان المسرحيين، وبالتالي تم تصوير الفيلم بالكامل في غرفة فندق ضيقة تتوالى عليها شخصيات الفيلم، ويخرجوا منها، بينما المكان هنا ثابت لا يتغير- رغم ازدحام الفيلم بشخصياته؛ الأمر الذي أدى بدوره إلى ازدحام الغرفة والكادر إلى حد كبير- وهو ما يتناسب تماما مع المسرح، وإن كان لا يمكن تناسبه مع السينما، وتقنياتها، ولا حتى مفهومها.


إذن، فلقد خسر هنا الإخوة ماركس الكثير من تأثيرهم، وتخلوا عن الظروف الجوهرية، وعوامل نجاحهم التي تجعل منهم نجوما ناجحين في مجال السينما الكوميدية- الكتابة خصيصا لهم، أو كتابتهم لأعمالهم بأنفسهم- مما جعل الفيلم يبدو لنا فاترا، لا علاقة له بهم، بل وتفوق عليهم بعض المُمثلين المُساعدين الذين يعملون معهم في الفيلم، لا سيما المُمثل الأمريكي Donald MacBride دونالد ماكبرايد في دور مُدير الفندق المُشرف، والمُمثل الأمريكي Cliff Dunstan كليف دونستان في دور مُدير الفندق التنفيذي.

يدور الفيلم بأكمله داخل غرفة في فندق White Way Hotel، حيث نعرف بأن جوردون ميلر- قام بدوره المُمثل الأمريكي Groucho Marx جروتشو ماركس- هو رئيس فرقة مسرحية مكونة من 22 مُمثلا، يقومون بأداء بروفاتهم من أجل مسرحيتهم الجديدة تحت عنوان Hailand Farewell تحية وداع، كما أنهم يقطنون في الطابق التاسع عشر من الفندق، أملا في استئجار مسرح الفندق من أجل افتتاح عرضهم فيه.

لكن، بما أن جوردون ميلر مُفلس تماما، وبما أنه يحاول البحث عن ممول لمسرحيته؛ فلقد تراكمت الديون عليه لصالح الفندق، وبات عليه دفع فاتورة مالية تُقدر بمبلغ 1200 دولار، وإلا تم طرده هو وفريقه من الفندق، أو إبلاغ الشرطة عنه، وهو الأمر الذي يتم تأجيله دائما لأن المُدير التنفيذي للفندق جوزيف جريبل- قام بدوره المُمثل الأمريكي Cliff Dunstan كليف دونستان- مُرتبط بجوردون بصلة نسب، فالمُدير هنا متزوج من أخت جوردون.


الغرق في الديون هو ما نلمحه مع المشهد الأول من الفيلم- المشهد التأسيسي- الذي يفيدنا بالمعلومات الضرورية عن الفيلم وشخصياته، حينما نرى جوردون جالسا في بهو الفندق لتناول طعامه، بينما يقترب منه النادل ساشا سميرنوف- قام بدوره المُمثل الليتواني Alexander Asro ألكسندر أسرو- ليقدم له الشيك الذي لا بد له أن يقوم بسداده، ولكن بما أن جوردون لا يمتلك الأموال فهو يضيف قيمة الطعام على فاتورته التي تتنامى، وتثقل كاهله، ليقول له ساشا: سيد ميلر، لقد رأيت فرقتك تتدرب في الطابق التاسع عشر عدة مرات، أرجوك، أرغب في لعب دور عامل المنجم البولندي. ليرد عليه جوردون: نصيحتي لك هي أن تبقى حيث أنت.

بعدما يرد جوردون على الهاتف الذي جاءه من سكرتيرته، ومُساعدته كريستين مارلو- قامت بدورها المُمثلة الأمريكية Lucille Ball لوسيل بول- والذي تخبره فيه بأنها ستتأخر في الذهاب إليه، يبدأ في الرقص مع النادل في الوقت الذي يخرج فيه جوزيف جريبل من مكتبه ليراهما، ومن ثم يبدأ في توبيخ جوردون مُطالبا إياه بما يدين به للفندق، لكن جوردون يقول له: سأدفع هذه الفاتورة بمُجرد أن أجد أحد الداعمين لعرضي، على كل، لا يمكنك التخلص من الأغبياء من كمك.

إذن، فجوردون هنا ليس نصابا، لكنه رئيس فرقة مسرحية مُفلس يبحث عن داعم، ومن ثم فلقد لجأ إلى الاحتيال لحين العثور على هذا الداعم المأمول، وحتى يجد مكانا يأويه هو وفرقته يستطيعون أن يقوموا ببروفات عرضهم فيه.


لكن مُدير الفندق يشعر بالكثير من القلق؛ لذا فهو يُطالب جوردون إما بسداد الفاتورة، أو الهروب من الفندق لأن السيد جيورجي فاجنر- قام بدوره المُمثل الأمريكي Donald MacBride دونالد ماكبرايد- المُدير المشرف على الفندق قد وصل فجأة: السيد فاجنر، المُدير المُشرف، موجود الآن في الطابق السُفلي، ويقوم بفحص الملفات. يرد جوردون: فاجنر؟! اعتقدت بأنه لن يأتي لشهرين قادمين. فيقول جوزيف: لقد دخل عليّ بشكل غير متوقع، سيكتشف فاتورتك في أي لحظة، 1200 دولار كائتمان لمنتج محدود الميزانية، كيف سأشرح ذلك؟ إذا ما اكتشف بأنك صهري فسيكلفني ذلك وظيفتي. يقول جوردون: لقد كان اقتراحا تجاريا في مُقابل القليل من التقدير لي ولـ22 من المُمثلين، لقد أعطيتك 10% فائدة في العرض.

بالفعل يأخذ جوردون حديث جوزيف عن ضرورة هروبه من الفندق بجدية، وهو ما يجعله يطلب من مُساعده هاري بينيلي- قام بدوره المُمثل الأمريكي Chico Marx شيكو ماركس- مُساعدته، وارتداء أكبر قدر من الملابس فوق بعضها البعض من أجل الهروب، وبما أنه لا بد أن يبدو وكأنه هرب حتى لا يتحمل جوزيف المسؤولية، فعليه أن يترك أمتعته في غرفته وارتداء أكبر قدر من الملابس للخروج بها؛ مما يجعل هاري يُهاتف فيكر إنجلويد- قام بدوره المُمثل الأمريكي Harpo Marx هاربو ماركس- لمُساعدتهما في ارتداء أكبر قدر من الملابس، فنراه يصل إليهما من دون أي قميص وكأنه مُستعد لهذه المهمة، لكن هاري يشرح لجوردون بأن فيكر لا يؤمن بارتداء القمصان، مما يجعل جوردون يظنه مُلحدا.

يسرع جوزيف إلى مكتبه أثناء ارتدائهم لملابسهم حينما يستدعيه فاجنر غاضبا، لكن كريستين تصل إلى الغرفة مُخبرة جوردون بأنها قد نجحت في استقطاب أحد الداعمين/ المُستثمرين للمسرحية، وهو على استعداد لدفع مبلغ 15000 دولار كاستثمار في هذا العرض في مُقابل 50% من أسهم العرض، وهو ما يُشعر جوردون بالكثير من السعادة والارتياح، لكنها تخبره أيضا بأنه لا يمكن له مُغادرة الفندق لأن السيد الداعم سيمون جينكينز- قام بدوره المُمثل الأمريكي Philip Wood فيليب وود- قد اتفق معها على أن يزور جوردون للاتفاق معه في الفندق، وهو على وشك الوصول: لا يمكنك المُغادرة، يجب عليك البقاء، لقد وجدت من يدعمك، إنه قادم إلى هنا. يسألها جوردون: من هو؟ من أين حصلت عليه؟ تقول: إنه وكيل استثمار، رجل يُدعى جينكينز، ولديه أموال لاستثمارها في مسرحية، لقد أخبرته بكل شيء عنك جوردون، وأعطيته نسخة من كتاب "تحية وداع"، وهو يقرأه في هذه اللحظة. يرد: من المُؤسف أنك حددت الموعد هنا.


يشعر جوردون بالكثير من الارتباك، وبأنه قد بات في مأزق كبير؛ فهو عليه مُغادرة الفندق فورا، وإلا أبلغ فاجنر عنه الشرطة إذا لم يقم بسداد الفاتورة المدين بها فورا، وبما أنه مُفلس ولا يمكنه السداد من دون وجود داعم، وبما أن الداعم على وشك الوصول، فلقد بات عليه أن يلجأ للمزيد من التحايل لحين حصوله على الشيك الذي سيدفعه الداعم له.

في هذه الأثناء يدق أحدهم باب الغرفة؛ فيظنه جوردون جينكينز/ الداعم، لكنه حينما يفتح الباب يُفاجأ بشاب يسأل عنه، وحينما يستفسر جوردون عن هويته يعرف بأنه ليو ديفز- قام بدوره المُمثل الأمريكي Frank Albertson فرانك ألبرتسون- كاتب المسرحية الشاب الذي ترك مسقط رأسه للتو في Oswego أوسويجو، كي يرى بروفات وافتتاح مسرحيته، كما أنه في حاجة ماسة للمال؛ لذا يُطالب جوردون بشيء من حقوقه في العرض.

ربما نُلاحظ هنا أن المُطالبات المالية تتراكم على رأس جوردون من كل الجهات، وهو ما يجعله دائم اللجوء إلى التحايل الذي قد يؤخر دفعه المال للآخرين لحين وصول الداعم، لذا يحاول إقناع ديفز بالعودة إلى بيته مرة أخرى، ووعده بأنه سيوجه إليه دعوة في يوم افتتاح العرض المسرحي، إلا أن ديفز يقول: بدت أمي سعيدة جدا عندما غادرت. يقول جوردون: قناع الأم فقط، في هذه اللحظة قد تكون جالسة إلى جانب المدفأة تعصر يديها. يرد ديفز بطيبة بلهاء: ولكن، ليس لدينا مدفأة. يسأل جوردون مُندهشا: ليس لديك مدفأة؟! وكيف تستمع إلى خطابات الرئيس؟!


لاحظ هنا السُخرية الكوميدية في جملة جوردون الأخيرة التي تؤكد على أن الاستماع إلى خطابات الرؤساء لا يمكن لها أن تكون من دون وجود مدفأة. يبذل جوردون المزيد من الجهد للتخلص من ديفز وإقناعه بالعودة إلى منزله، لكن حينما يخبره ديفز بأنه قد يعرض المسرحية على مُستثمر آخر، وفرقة مسرحية غيرهم، يوافق جوردون على بقائه معهم في الغرفة، مُخبرا إياه بأنه ما دام ليس في حاجة إلا إلى الإقامة والطعام فهو مُرحب به، كما أنه يسرع إلى بهو الفندق لتسجيل ديفز كضيف جديد آلت إليه الغرفة بعد هروب جوردون، كي تُضاف الفاتورة الجديدة على ديفز، وليس عليه.

بمُجرد دخول ديفز للاستحمام، يسرع كل من هاري، وفيكر إلى حقيبة ملابسه للتفتيش فيها؛ فيجد هاري فيها آلة كاتبة تخص ديفز، لكنه يأخذها ليرهنها في مُقابل المال، وحينما يخرج ديفز يهاتف أحدهم- ظنا منه بأنه سيحصل على حقوقه المالية من جوردون وفرقته: هل هذه وكالة تحصيل الديون "نحن لا ننام أبدا"؟ حسنا، هذا هو ليو ديفز من أوسويجو، لا، أنا أعيش هنا في فندق وايت واي غرفة 920، حسنا، لقد تأخرت في سداد مدفوعاتي عن الآلة الكاتبة، وسلموا الأمر لكم للتحصيل، حسنا، الآن، إذا ما أرسلت رجلا إلى هنا سأكون سعيدا جدا بسداد الرصيد.

سنُلاحظ هنا أن الأمور كلها تتعقد أكثر، والجميع يحاول مُطالبة جوردون المُفلس تماما بالأموال، بينما هو يحاول الصمود والاحتيال والتأخير لحين وصول الداعم لمسرحيته.


في هذه الأثناء تصعد هيلدا ماني- قامت بدورها المُمثلة والراقصة الأمريكية Ann Miller آن ميلر- سكرتيرة مُدير الفندق للتوسط لدى السيد جوردون كي يجد دورا تمثيليا لساشا في المسرحية، لكنها تلتقي بديفز الذي يبدي الكثير من الإعجاب تجاهها، ويعدها بأن يوفر له دورا في مسرحيته.

حينما يصل الداعم سيمون جينكينز إلى الفندق يستقبله جوردون سعيدا، ويقدم له عرضا بدفع شيك بمقدار 15000 دولار، هنا يدعي جوردون بأن المبلغ صغيرا، لكنه سيحاول تكييفه ليفي باحتياجات العرض والمُمثلين، والديكور، واستئجار المسرح، إلا أن جينكينز يخبر جوردون بأنه سيلاقيه في اليوم التالي من أجل دفع الشيك، والتوقيع على التعاقد بينهما. يحاول جوردون إقناعه بالتوقيع على التعاقد فورا، ودفع الشيك، لكن جينكينز يخبره بأن هذا غير مُمكن الآن، وبأنه سيعود إليه في العاشرة والنصف صباحا من أجل إتمام الصفقة.

يصعد جوزيف جريبل/ المُدير التنفيذي للفندق إلى الغرفة؛ فيُفاجأ بأن جوردون لم يهرب، بل استضاف معه ليو ديفز وسجل دخوله كضيف جديد، وهو ما يجعله يثور على جوردون الذي يخبره بأنه قد نجح بالفعل في إيجاد داعم لمسرحيته، لكنه سيدفع له الشيك في الصباح، إلا أن جوزيف يخبره بأن هذا غير مُمكن، لأن فاجنر يرغب في المبلغ فورا وإلا أبلغ الشرطة، كما أن فاجنر قد حمّل جوزيف ما قيمته 700 دولار من الفاتورة المُستحقة على جوردون لأنه سمح له بالبقاء بشكل ائتماني من دون أن يدفع المال المُستحق عليه.

هنا يفكر جوردون في حيلة من المُمكن لها أن تبقيه في الفندق هو وفرقته حتى الصباح واستلام الشيك، فيقترح ادعاء أحدهم المرض، وبما أن القانون لن يسمح لفاجنر أن يطرد مريضا من الفندق، فسيكون ذلك سببا لبقائهم حتى الغد، وبما أن هاري وفيكر غير مُسجلين كنزلاء في الفندق، فلقد طلب من ديفز الإسراع إلى الفراش وادعاء اصابته بالحصبة، ليسرع فيكر بتلطيخ وجه ديفز بنقاط حمراء وكأنه بالفعل مُصاب بالحصبة.


يصل إلى الغرفة تيموثي- قام بدوره المُمثل المسرحي الأمريكي Philip Loeb فيليب لوب- مُحصل وكالة "نحن لا ننام أبدا" لتحصيل مبلغ 42 دولارا من ديفز مُقابل الآلة الكاتبة المدين بها، وهو ما يجعل جوردون يخبره بأن ديفز قد رحل لأنه أصيب بالجنون، ومزق كل ما يمتلكه من مال، وبالتالي أخذوه إلى مشفى المجانين، وحينما يسأله المُحصل عن الآلة الكاتبة، يخبره جوردون بأنه قد أخذها معه لأنه يحب سماع صوت جرسها، وعليه أن يلحق به في مُستشفى الولادة. هنا يندهش المُحصل ليسأله عن السبب في ذهاب ديفز إلى مُستشفى الولادة، إلا أن جوردون يرد بمنطقية بأنه في مُستشفى الولادة لأنه مجنون، وإلا ما كان قد ذهب إليها.

يصعد ساشا إلى الغرفة بناء على وعد ديفز لهيلدا، ويطلب من جوردون أن يؤدي دورا أمامه من أجل قبوله في العرض المسرحي كمُمثل، وبما أن الجميع يشعرون بالجوع الشديد لعدم تناولهم الطعام مُنذ يوم، ولأن فاجنر قد أمر خدمة الغرف بعدم تقديم المزيد من الطعام لهم؛ فلقد وافق جوردون على أن يرى أدائه، ولكن بعدما يأتي لهم بالطعام، لا سيما أن المُؤلف/ ديفز مريض، وكان من الأعراض الجانبية للحصبة أن أصابته الدودة الشريطية- كما يدعي جوردون.

يُسرع ساشا تحت إلحاح رغبته في التمثيل إلى جلب وجبة لهم، وهي الوجبة التي يجتمعون حولها لالتهامها، ولعل هذا المشهد من أكثر المشاهد التي تقترب كثيرا من الأسلوبية الكوميدية للإخوة ماركس؛ حيث نرى فيكر الذي تناول الطعام بسرعة وآلية مُذهلتين، حتى أنه يسطو على طعامهم جميعا، ولا يعطيهم الفرصة لتناول أي شيء.


إلا أنهم بعد انتهائهم من الطعام يخبر جوردون ديفز بأنه غير راغب في غش ساشا، لكنه غير مُضطر لقبوله في العرض لأن هناك مُمثلا آخر يؤدي البروفات مُنذ خمسة أشهر. هنا يتساءل ديفز عما إذا كان جوردون قد خدع ساشا بالقبول من أجل الوجبة فقط، لكنه يؤكد عليه بأن التفكير في الأمر حينما يكون جائعا، يختلف تماما عما إذا كان يشعر بالشبع.

حينما تعلم هيلدا بأمر مرض ديفز تُهاتفه للاطمئنان عليه، لكنه يخبرها بأنه مُعافى، وأن الأمر كله مُجرد خدعة حتى لا يتم طردهم من الفندق، ومن ثم يسرع بالهبوط للقائها. هنا يدق الباب ليعرف جوردون بأن فاجنر هو الذي على الباب، فيطلب من فيكر الدخول في الفراش وادعاء المرض بدلا من ديفز الذي هبط للقاء حبيبته.

حينما يفتح جوردون الباب يدخل فاجنر مُصطحبا معه جوزيف/ المُدير التنفيذي، ورجلا آخر سنعرف بأنه دكتور جلاس- قام بدوره المُمثل الأمريكي Charles Halton تشارلز هالتون- طبيب الفندق المُقيم الذي اصطحبه فاجنر للتأكد من مرض ديفز الذي يشك فيه. لكنه يلاحظ وجود منضدة الطعام في الغرفة، وحينما يسأل جوردون غاضبا عمن أتى بهذه الوجبة إليهم، يرد جوردون بثقة بأن دكتور جلاس هو من طلبها للمريض، وبما أن جوردون لم يُقابل دكتور جلاس من قبل، فلقد ادعى ذلك أمامه، مما يجعل دكتور جلاس ينكر الأمر، مُؤكدا على كذب جوردون، وهو الأمر الذي يجعل فاجنر في حالة تكاد أن تقرب من الجنون مما يحدث، مُرددا طوال الفيلم بغضب Jumping Butterballs القفز على كرات الزبدة.


ربما لا بد لنا من التوقف أمام الجملة التي كثيرا ما يرددها فاجنر حينما يشعر بالغضب Jumping Butterballs فرغم أن ترجمة الجملة بشكل حرفي يعني القفز على كرات الزبدة، إلا أن المفهوم الثقافي للجملة يُقال حينما يشعر المرء بأن ثمة شيء ما قد يقوده إلى الجنون، أي أن فاجنر يعني بقولها بأنهم يقودونه إلى الجنون بسبب أفعالهم.

يحاول دكتور جلاس الكشف على فيكر للتأكد عما إذا كان مُصابا بالدودة الشريطية أو الحصبة بالفعل أم لا، وحينما يلحظ فاجنر أن المريض الذي في الفراش ليس هو ديفز، لأنه قد قابل ديفز ولم يكن شعره أحمر، يرد عليه جوردون بثقة بأن لون الشعر هو من الأعراض الجانبية للمرض؛ فديفز مُصاب بدودة شريطية حمراء.

في هذه الأثناء يتصل أحد موظفو الفندق بفاجنر، ويخبرونه بأن هناك 22 شخصا داخل قاعة الرقص يعيشون فيها، وهم أفراد الفرقة الذين طردهم فاجنر من الطابق التاسع عشر، فيسرع فاجنر وجوزيف إلى قاعة الرقص، وحينما يتأكد دكتور جلاس بأن فيكر ليس مريضا، يقوم فيكر بالتعاون مع جوردون بضربه وحبسه في الحمام حتى لا يخبر فاجنر بالأمر، ويقوم بطردهم، لا سيما أن جوردون طلب منه عدم إخبار فاجنر بالأمر، وعليه الانتظار حتى الصباح، لكن دكتور جلاس رفض الانصياع لطلبه.


حينما يصل المُستثمر سيمون جينكينز في صباح اليوم التالي لتوقيع التعاقد، ومنح الشيك لجوردون يخبره بأن المانح الحقيقي للشيك هو السيد زاكاري فيسك، وبما أنه شخصية عامة شهيرة، فهو لا يرغب في أن يعلم أحد بأنه الداعم للمسرحية، ولذلك فلقد وقع الشيك لجينكينز، الذي سيؤشر عليه بدوره ليتم صرفه لصالح جوردون. لكن جوردون يكتشف بأن الشيك لا يمكن صرفه إلا بعد مرور خمسة أيام، وهو ما يوقعه في المزيد من المشاكل، لأن فاجنر يرغب في المال بشكل فوري، وهو ما لا يستطيع جوردون القيام به.

في اللحظة التي كان فها جينكينز على وشك توقيع التعاقد بعدما سلم الشيك لجوردون، يدخل فاجنر إلى الغرفة راغبا في طرد جوردون ومن معه، وإلا اتصل بالشرطة، لا سيما أنه اكتشف كذبهم في مرض ديفز. يحاول جوردون أن يصرف فاجنر خارج الغرفة لحين توقيع جينكينز على التعاقد، لكنه يزداد في غضبه وصخبه، ويخبره بأنه لن يغادر الغرفة إلا بعد طرده أو تسديد الدين المدين به للفندق؛ مما يُشعر جينكينز بالكثير من القلق، وبأن جوردون ليس إلا مُحتالا، وبالتالي لا يمكن له التعاون معه، أو استثمار أمواله في مسرحيته.


يطلب جوردون من صهره إقناع فاجنر بالصمت والخروج من الغرفة، ومن ثم يأخذ جينكينز إلى غرفة أخرى حيث كان فيكر يحاول مُطاردة ديكا روميا يطير في سقف الغرفة، مما جعل فيكر يحطم كل شيء، بل ويضرب جينكينز على رأسه من دون وعي، الأمر الذي يجعل جينكينز يفقد وعيه.

هنا يخرج الدكتور جلاس من الحمام ويلوم فاجنر بغضب على ما يقوم به: لا ألوم ميلر على تقييدي، فقد كان لديه سببا وجيها تماما، لقد كان يقوم بصفقة مشروعة، أحملك مسؤولية ما فعله بي، فأنت من دفعه إلى ذلك. يرد فاجنر بدهشة: أنت لست صهر ميلر أيضا؟! ليقول دكتور جلاس: كل ما أعرفه أن زاكاري فيسك يدعم مسرحيته، وهذه توصية جيدة لأي شخص بما فيه الكفاية. يُردد فاجنر مُندهشا: زاكاري فيسك؟! يقول الطبيب: سمعت كل كلمة وأنا في الحمام، الرجل الذي أهنته كان عميلا للسيد فيسك، لديه شيك لميلر موقع من قبل السيد فيسك نفسه. يسأل فاجنر: فيسك؟! لِمَ لم يخبرني ميلر؟! يقول الطبيب: لأنه خائف من الدعاية، لأنه خائف منك.


يعود جوردون إلى الغرفة مع جينكينز بعد النجاح في إفاقته من أجل توقيع التعاقد، وهنا يعتذر فاجنر لجينكينز محاولا إيهامه بأنه لم يكن يقصد ما فعله مع السيد جوردون؛ فهو من عملاء الفندق الموثوق فيهم، وكل ما هنالك أن ثمة نزيل آخر مُحتال يحمل نفس الاسم، وحدث أن خلط بينهما.

لكن جينكينز كان قد فقد الاهتمام بتوقيع العقد نتيجة فقد الثقة فيهم جميعا، وحينما يطلب المُغادرة، يخبره جوردون بأنه عليه توقيع التعاقد أولا، ومن ثم يتظاهر جينكينز بالموافقة على توقيع العقد، ويسرع بالخروج.

يشعر جوردون بالكثير من السعادة؛ فلقد أصبح ثريا يمتلك 15000 دولار دفعة واحدة، ستمكنه من سداد دينه للفندق، بالإضافة إلى استئجار مسرح الفندق من أجل افتتاح العرض، فضلا عن مصاريف الديكور، وأجور المُمثلين.

يطلب منه فاجنر أن يعطيه الشيك، لكن جوردون يرفض ذلك، مُخبرا إياه بأنه سيقوم بسداد دينه بعد خمسة أيام حينما يصرف الشيك، لكن فاجنر يخبره بأنه سيأخذ الشيك لإيداعه في البنك الخاص بالفندق في مُقابل أن يكتب لجوردون إيصالا بقيمة الشيك كاملة لحين صرفه، فيوافق جوردون، كما يطلب منه أن يُعيد جميع المُمثلين إلى غرفهم، ويخصص له جناحا بدلا من هذه الغرفة.

ينصرف فاجنر من الغرفة ليصل ديفز الذي يخبر جوردون بالمُفاجأة التي عرفها من جينكينز: لقد أخبرني بأنه سيتوقف عن دفع الشيك، وقال إن السبب الأساسي وراء تأييده لذلك هو الرغبة في الخروج من هنا. يرد جوردون: لكنه لا يستطيع فعل ذلك، لقد وقع عقدا، أم أنه لم يوقعه؟


يسرع جوردون إلى العقد ليُفاجأ بأن جينكينز لم يقم بتوقيع العقد بالفعل، ومن ثم يحق له إيقاف صرف الشيك الذي في حوزة جوردون، والذي آل إلى فاجنر من أجل إيداعه في الحساب البنكي للفندق.

هنا يحاول جوردون التفكير في أي حيلة من المُمكن لها أن تخرجه من هذا المأزق الجديد الذي وجد نفسه فيه، ومن ثم يقول لديفز: فاجنر سيرسل الشيك إلى بنكه، أليس كذلك؟ يرد ديفز: أجل. يقول: حسنا، لمُدة خمسة أيام لدينا رصيد بقيمة 15000 دولار. تقول كريستين: جوردون، أنت لست... لكنه يقاطعها: لماذا؟ لقد تدربنا جميعا، يمكننا الافتتاح خلال خمسة أيام. يرد بينيلي مُؤكدا: بالتأكيد، كل ما نحتاجه هو المناظر والأزياء. يقول جوردون: يمكننا تحميل الفندق هذه النفقات. يقول ديفز: لكن هذا غير قانوني، إنه... فيقاطعه جوردون: استرخ ديفز، فاجنر يؤيد المسرحية.

إذن، فلقد وجد جوردون مخرجا جديدا له من مأزقه الجديد- لاحظ هنا أن الفيلم بأكمله قائم على الاحتيال الذي يقوم به جوردون بسبب المآزق المالية الواقع فيها، ورغبته في أن يتم افتتاح العرض الذي يثق في نجاحه، ومن ثم سداد كل ما عليه من ديون.

بالفعل يوافق فاجنر على استئجار الفرقة المسرحية لمسرح الفندق من دون مُقابل، اعتمادا على الشيك الضخم الذي أودعه في بنكه، كما يتكلف بدفع نفقات الأزياء وديكورات المسرحية، ويشعر بالكثير من السعادة لأنه يساهم في ذلك، ما دام سيتمكن من صرف الشيك بعد أيام.

لكن في يوم الافتتاح، وقبل بدء العرض بعشرين دقيقة يصل أحد الموظفين من البنك ليخبر جوردون أمام صهره جوزيف بأن التوقيع الذي قام بتوقيعه على الإيصال في الصباح غير مُطابق لتوقيع فاجنر. هنا يُلاحظ جوزيف أن الموظف يتحدث مع جوردون باعتباره فاجنر، ومن ثم يخبره بأنه ليس فاجنر، ويعرف أن جوردون قد قام بالتوقيع على إخطار بنكي يفيد بأن السيد زاكاري فيسك قد أوقف صرف الشيك؛ مما دفع جوردون إلى الادعاء بأنه فاجنر لتعطيل معرفة فاجنر بالأمر لحين انتهاء العرض.


يطلب جوردون من الموظف العودة مرة أخرى في اليوم التالي، وعليه الرجوع إلى البنك وإخبارهم بأنه لم يعثر على فاجنر. لكن مُكالمة هاتفية من البنك تصل لفاجنر أثناء تغيير جوردون لملابسه، ويخبره فيها الموظف البنكي بالأمر، مما جعله يستشيط غضبا مُرددا جملته الأثيرة Jumping Butterballs، ليسرع بإخبار جوردون بأنه لديه مُفاجأة له، وبناء عليه يطلب منه عدم مُغادرة جناحه في الفندق لحين عودته بالمُفاجأة، كما يستدعي كل من هاري، وفيكر الذي كان مُرتديا لثياب عامل المنجم طبقا لدوره في المسرحية، بالإضافة إلى ديفز، مُؤلف المسرحية.

ليعرفوا بأن فاجنر قد حبسهم داخل الجناح لحين استدعاء الشرطة لهم، وإلغاء العرض المسرحي. هنا يبدأون في التفكير في كيفية خروجهم من هذا المأزق، وإنقاذ العرض المسرحي الذي هو على وشك الافتتاح. فيفكرون في إشعال حريق داخل الغرفة كي ينطلق إنذار الحريق، لكنهم يطفئون الحريق الذي يشعله فيكر، ومن ثم يفكرون في الهروب من النافذة، لكنهم يكتشفون بأنهم في طابق مُرتفع، مما يجعل جوردون يطلب من ديفز الادعاء بأنه قد تناول السم للانتحار.

يتظاهر ديفز بأنه قد تناول جرعة من السم بالفعل، وحينما يدخل كل من فاجنر وجوزيف إلى الجناح يُفاجآ بالأمر، ليقول ديفز الذي يدعي الاحتضار: أوه أنت، أنت من دفعني إلى ذلك. يقول فاجنر بقلق: ماذا فعلت؟ أعطني تلك الزجاجة، أحضر له بعض الماء، هذا فظيع. ليتساءل جوزيف: شربت زجاجة كاملة من السم؟!

يؤكد جوردون بأنه سيدلي بشهادته أمام الشرطة بأن فاجنر كان هو السبب الرئيس وراء دفع ديفز إلى الانتحار، كما يخبر فاجنر بأن انتحار ديفز في الفندق سيتسبب في فضيحة للفندق مما سيؤدي إلى خسارته لنزلائه؛ فيسرع فاجنر وجوزيف لمحاولة إنقاذ ديفز من الموت، ويأتون بكميات كبيرة من الحليب والبيض لمحاولة إبقائه على قيد الحياة، وإفساد تأثير السم عليه، إلا أن ديفز يحاول طوال الوقت ادعاء الموت، وبعد مرور ساعة من زمن عرض المسرحية، يخبر ديفز جوردون بأنه لا يستطيع الاستمرار في ادعاء الاحتضار، ليطلب منه جوردون التظاهر بالموت.


يتظاهر ديفز بالموت فعليا، ليشعر فاجنر بالكثير من الأسف، ويخبرهم بأنه طبقا للقانون فعليه أن يستدعي الشرطة، ولكن جوردون يحاول تعطيله لحين انتهاء العرض، ويطلب منه أن ينتظر لحين تأدية طقوس الوداع لجثة ديفز، فيوافق، وحينما ينتهون من رسوم الوداع يحاول الاتصال بالشرطة، لكن جوردون يطلب منه عدم الاتصال بالشرطة من الهاتف الذي حادث فيه ديفز أمه قبل انتحاره، فيتفهم فاجنر الأمر، وحينما يحاول الخروج من الجناح يُفاجأ بفيكر على الباب مطعونا بسكين في صدره، يوجد تحته ورقة مكتوبا عليها: لقد قادني فاجنر إلى حتفي كما قاد ليو ديفز.

هنا يشعر فاجنر بالكثير من الرعب، ويبتعد عن جثة فيكر، فيطلب منه جوردون مُساعدته في حمل جثة فيكر وكأنه مخمور للتخلص منها في الزقاق الجانبي بجوار الفندق، لكن بمُجرد اقتراب فاجنر من جسد فيكر يشعر بأنه ما زال دافئا؛ مما يجعله يسرع بالابتعاد مرة أخرى، مُخبرا جوردون بأن جسده لم يبرد بعد. هنا يقوم بينيلي بالاتصال بخدمة الغرف ليقول لهم: مرحبا، خدمة الغرف؟ أرسل كمية كافية من الثلج لتبريد الجسم الدافئ.

يقوم كل من فاجنر وجوردون بإسناد جسد فيكر، والنزول به من مصعد عمال الفندق إلى الزقاق الجانبي المجاور للفندق من أجل التخلص من الجثة، ويُسرعا إلى خشبة المسرح لمُشاهدة نهاية العرض، ومعرفة ما يحدث ليُفاجأ جوردون بنجاح ساحق للعرض، وبأن المسرح مُكتظ تماما بالمُشاهدين الراضين عن المسرحية.


أثناء مٌتابعة فاجنر للعرض مع جوردون يُفاجأ بوجود فيكر على خشبة المسرح مقتولا، وقد انغرس السكين في صدره، تماما كما رآه في الجناح مُنذ قليل، كما يبدأ المُمثلون في أداء طقوس فراقه- تماما كما فعل جوردون وزملائه مُنذ قليل في الجناح وتوديع جثة ديفز، وبنفس الكلمات واللحن- هنا يُصاب بالدوار، لكنه يسقط مُغشيا عليه حينما يرى ديفز أمامه مُباشرة، لينتهي الفيلم بنجاح العرض المسرحي، مما يعني أن جوردون وفرقته سيستطيعون تسديد الديون المدينين بها للفندق، كما أنهم ربحوا الكثير من المال.

إن الفيلم الكوميدي الأمريكي "خدمة الغرف" للإخوة ماركس، من إخراج المُخرج الأمريكي وليام أ. سيتر من الأفلام الكوميدية التي حاول من خلالها الإخوة ماركس إنقاذ أخيهم شيكو من ديونه بسبب إدمانه للمُقامرة، ومن ثم قاموا بإنتاج هذا الفيلم لأنفسهم للمرة الأولى والأخيرة في حياتهم الفنية، لكننا سنُلاحظ أنهم فشلوا فشلا ذريعا في تقديم الكوميديا الماركسية الشعبية المعهودة لديهم، ومن ثم بدا لنا الفيلم شديد الفتور، حتى أن الكثيرين لا يتحدثون عنه حينما تُذكر قائمة أعمالهم الفنية. يعود السبب في ذلك إلى أنهم لم يكتبوا السيناريو بأنفسهم، بالإضافة إلى أن المسرحية التي أخذوا عنها الفيلم لم تكن مكتوبة لهم في المقام الأول مما جعلهم يقعون في مثل هذا المأزق التمثيلي، ولعل ما يؤكد لنا مثل هذا التفسير قول Chico Marx شيكو ماركس نفسه في مُقابلته مع صحيفة New York Sun عام 1939م، حينما أدلى للصحيفة بقوله: كانت هذه هي المرة الأولى التي نحاول فيها تقديم مسرحية لم نصنعها بأنفسنا، ولم نكن جيدين. لا يمكننا فعل ذلك. علينا أن نخلق الشخصيات والمواقف بأنفسنا، ثم نقوم بها. إذا ما حصلنا على نكتة تُناسب شخصياتنا، يمكننا حلها وجعلها ملكا لنا، لكن لا يمكننا القيام بذلك مع القيود، أو لعب شخصيات لا تتناسب مع شخصياتنا، لقد جربناها، ولن نفعلها أبدا مرة أخرى.

المُخرج الأمريكي وليام أ. سيتر

إن الحديث الذي أدلى به شيكو ماركس لصحيفة "نيويورك صن" يؤكد على ما ذهبنا إليه من أن الفيلم بدلا من أن يكون فيلما كوميديا يتميز بالبصمة الفكاهية للإخوة ماركس، تحول إلى فيلم شديد الفتور، يُشعر المُشاهد بالكثير من الملل، وكأن الوقت لا يمر رغم أن زمن عرض الفيلم هو ساعة وخمس عشرة دقيقة فقط، ولكن لأن الأحداث لا تتقدم بسهولة، ولأن الفيلم يدور في غرفة واحدة مُغلقة، فلقد أشعر ذلك المُشاهد بطول الفيلم رغم انتفاء ذلك، فضلا عن الأداء العادي للإخوة ماركس، والذي فتح المجال أمام المُمثلين المُساعدين للتفوق عليهم في الأداء طوال أحداث الفيلم لا سيما فيليب وود، وكليف دونستان، بالإضافة إلى فرانك ألبرتسون الذي قام بدور كاتب المسرحية ليو ديفز، ورغم أنه في الأساس مُمثل مسرحي قد أدى هذا الدور على خشبة المسرح قبل الفيلم، إلا أنه تفوق أمام عدسات الكاميرا في السينما في مُقابل الإخوة ماركس، حيث كان صوت العقل الوحيد في هذه المهزلة والتهريج الذي رأيناه في هذا الفيلم.

 


محمود الغيطاني

مجلة "نقد 21"

عدد أكتوبر 2025م.

 

 

 

 

 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق