الأربعاء، 6 مارس 2019

الخراب.. القتل كتجلٍ إلهي!!

ماذا لو رغبنا في تطهير العالم والقضاء على من نرى أنه لا يستحق الحياة في عملية انتخابية ترى أن هذا يستحق بينما الآخر لا يستحق من خلال مجموعة من الأفكار التي نؤمن بها، والتي هي بالضرورة تختلف عن إيمان الآخرين وتخضع لآلية ثقافتنا الخاصة ومنطلقاتنا التي ننطلق منها نحن؟!
هل سيكون العالم أفضل، وهل تحتمل الحياة بالفعل مثل هذا الانتخاب التطهيري، وهل من الممكن أن تستمر الحياة من خلال الشر وحده، أو الخير وحده؟!
إذن ماذا لو كان هذا الانتخاب يعتمد على التخلص وقتل كل من يراوده الأمل والرغبة في النجاح، أو يؤمن بالأفكار المثالية وقيم التسامح والتغيير وغير ذلك من المعاني الجيدة باعتبار أن الشر هو الأصل في العالم بينما هذه المعاني لا تعني سوى الوهم فقط، ومن ثم يصبح من يقوم بفعل الانتخاب أو القتل مخلصا للقتلى من أوهامهم التي يؤمنون بها، رحيما بهم؛ لأنه يقتلهم وينهي مثل هذه الأوهام التي تمكنت منهم لأن الحياة ليست هي مكانهم الطبيعي؟!
بالتأكيد سيرى أغلبنا أن مثل هذه الفكرة هي فكرة مريضة لا يمكن الاعتماد عليها، وأن من يؤمن بها أو يرغب في تطبيقها ليس إلا مختلا نفسيا مكانه الطبيعي هو مصحة للعلاج النفسي؛ حيث يُشكل خطرا كبيرا على المجتمع من خلال ما يفكر فيه وينطلق منه. لكن هل رؤيتنا له بمثل هذا الشكل يُشكل الحقيقة؟!
لا يمكن الجزم بأن منطلقنا هو ما يُشكل الحقيقة الكاملة، كما لا يمكن كذلك الجزم بالعكس، إذن فوجهتي النظر هنا غير قابلتين للجزم بهما؛ حيث تعتمد الحقائق دائما على المنطلقات التي ينطلق منها الشخص أو الجماعة؛ وبالتالي تكون وجهة نظره في هذه الحقيقة هي حقيقة فعلية وكاملة تبعا لثقافته، وخبرته، وتاريخه النفسي والعقلي والحياتي الذي انطلق منه صاحب هذا المبدأ، أي أن الحقائق دائما مختلفة باختلاف منطلقاتها، وإن كان المجتمع يتفق في النهاية على شكل الوجدان الجمعي والثقافة الجمعية باعتبارهما حقيقية، بينما من يختلف عن العقل الجمعي يصبح شاذا أو خطرا، أو مختلفا؛ لأنه لم ينطلق من نفس العقل الذي انطلق منه الجميع.
مثل هذه النظرة في الانتخاب والتطهير لا يمكن لها أن تستقيم مع الحياة التي هي في حقيقة الأمر تمور بالكثير جدا من الاختلافات والتناقضات بين الشر والخير، والإيمان والكفر، والعلم والجهل، وغير ذلك من الثنائيات التناقضية التي لا يمكن أن تكون الحياة كاملة من دونها، وإلا لتحولنا إلى نماذج مستنسخة من بعضنا البعض؛ ومن ثم تفقد الحياة حيويتها وجمالياتها، لكنها من جانب آخر- النظرة الانتخابية التطهيرية- تحمل في داخلها معنى إلهي، أي أن من ينظر هذه النظرة ويرغب في تطبيقها على من حوله يرى في نفسه إلها من حقه أن يسيّر العالم تبعا لرؤيته واقتناعه هو باعتبار أن ما يراه هو الحقيقة المطلقة التي لا يمتلكها غيره ولا يمكن أن يصل إليها غيره من البشر، وبالتالي يكون من حقه كإله أن يصطفي من يرغب، ويقتل من يريد؛ لأنه لا يستحق الاستمرار في الحياة.
هذه الفكرة التي قد تبدو فلسفية إلى حد ما من جهة، ومَرَضية من جهة أخرى كانت هي الفكرة المسيطرة على الروائي محمد موسى في روايته "الخراب" التي رأى من خلال بطلها أن العالم لا يستحق سوى الشر؛ لأنه الأصل؛ ومن ثم لا بد من التخلص من كل الخيرين في هذا العالم لأنهم يؤمنون بالأوهام التي لا يمكن لها أن تتسق مع العالم المحيط بهم، وهذا ما يؤكده من خلال العبارة التي كتبها على غلاف الرواية أسفل العنوان مباشرة: "إلى كل من أتاهم الأمل فحملهم ورحلوا، إلى من اكتفوا من الانتظار"، فهذه العبارة لن يدرك معناها المتلقي إلا حينما يقرأ الرواية ليتأكد له أن المؤلف هنا يصوغ خلاصة فكرته في هذه العبارة القصيرة.
يعمل الروائي منذ بداية روايته على التأسيس للفكرة التي ينطلق منها، وهي إن الشرور أصل العالم بينما الحالمين المثاليين الراغبين في التغيير والتسامح والحب مجرد موهومين عظام لن يحتملهم هذا العالم؛ لذا نرى الراوي يتأمل فتاة في مقتبل العمر تستقل معه سيارة أجرة ليقول: "فتاة بسيطة مخدوعة بوهم وحلم كاذب أن النجاح هو طريقها للتميز، هو ما سيصنع لها القيمة في بيت غالبا لا يجد أهله ما يأكلون سوى الأمل، يموتون في النهاية جوعى وفقراء وبلا قيمة، تلك الفتاة لم تر مثيلاتها ممن سبقوها، من تجاهلن إدراك حقيقة الحياة وقوانينها، لم ترهم يدفنون بعدما أطبقت على أنفاسهم الآمال"، إذن فهو يؤكد من خلال نظرة سوداوية تشاؤمية أن الشر هو أصل العالم، وأن كل الآمال مجرد وهم لا قيمة له؛ لذلك هو يريد تخليص جميع الناس من أوهامهم، ورغم تعاطفه في الكثير من الأحيان مع بعض هؤلاء الموهومين إلا أنه لا تأخذه بهم الشفقة حينما يخطط لقتلهم والتمثيل بهم بطريقة بشعة بينما هو هادئ تماما، ولا يرى سوى أنه يفعل بهم الخير الذي لا بد منه؛ لذلك حينما يقتل سيدة أمام زوجها وطفلتها ثم يهرب يُصرّ على العودة إلى الصغيرة مرة أخرى كي يعلمها درسا مهما في الحياة ولا تنشأ على ما ينشأ عليه البشر: "بعد عدة أيام أحضرت جمجمة بشرية من إحدى المقابر وزهرة صفراء من نفس المقبرة وعدت إلى تلك الصغيرة. لم أتركها إلا بعدما اطمأننت إلى ما تركته فيها من ألم ومعاناة، سبيلها الوحيد لتدرك أن العالم مختلف عما كانت مخدوعة فيه، وأن الحياة ليست كما توقعت أن تكون، ستفهم وتستشعر المعنى الحقيقي لوجودها، وتدرك نفسها والحياة بعيدا عن التأويلات الساذجة الخادعة التي تمت زراعتها في عقلها، ستنضج حتما بعد كل تلك الذكريات، وربما تتولد كراهية البشر داخلها كرد الفعل الوحيد لمثاليتها التي تعرضت للتدمير وللهزيمة. تركتها تبكي، والبكاء هو أول دليل على إنسانية البشر".
إذن فهو من خلال ما فعله مع الصغيرة التي قتل أمها يرغب رغبة حقيقية في إكساب جميع البشر نفس معاناته وأفكاره التي يؤمن بها، أي أنه يرغب في جعل البشر نسخا مستنسخة منه يعتقدون أن الشر هو أصل العالم؛ ومن ثم تنتشر الكراهية بين الجميع بدلا من الحب والتراحم الذي يراه مجرد وهم لا يتسق مع صيرورة الحياة.
ربما كان هذا الكفر بما اتفق عليه العالم هو ما يُكسبه السعادة والرضى في نهاية الأمر، أو شعور الامتلاء والإشباع باعتباره إلها بديلا على الأرض- رغم عدم تصريحه بألوهيته من قبل- مختلفا عن جميع البشر من حوله؛ لذلك يقول: "أنا وغد، أترون؟ أقول عن نفسي إنني وغد، أي أنني لا أحب نفسي كما اعتقدتم وبررتم بذلك كوني مختلفا عنكم، أسميتم أفعالي شرا واختبأتم وراء أقنعتكم، أقنعة الصلاح والتقوى، ولكنني بالفعل وغد، لم أكن أرى غير الخير في الناس وفي نفسي، وأرى شرور البشر هي مجرد فروق في التفكير؛ هكذا خُلقوا لا عذر لهم. والآن أنا سعيد لكوني وغدا بصورة أخرى؛ أتدركون لماذا؟ اخترت ذلك وكان عليّ أن أصير كذلك لأعامل الحياة بمثل ما عاملتني به، أو فلأقول لكم حتى لا تعتقدوا أنني أبحث مثلكم عن مبرر، أنا وغد لأنني أحب ذلك، أعشق أن أصير وغدا، هكذا أحقق لذتي وتسكنني الراحة في المساء"، من خلال هذا الاقتباس يتبين لنا أن هذا الإحساس هو ما يُكسبه الراحة الحقيقية، ولكن علينا ألا تفوتنا بعض المفردات التي من شأنها أن تفسر لنا السبب في حالته تلك، ولنتأمل قوله: "لم أكن أرى غير الخير في الناس وفي نفسي، وأرى شرور البشر هي مجرد فروق في التفكير؛ هكذا خُلقوا لا عذر لهم"، أي أنه كان إنسانا طبيعيا يؤمن بما يؤمن به الناس، ويرى الخير خيرا، والشر شرا، لكن الحالة التي وصل إليها هي رد فعل على أحداث حدثت له في حياته؛ فبات يرى أن الشر هو أصل العالم ولا بد من التعامل مع العالم من خلال هذا المنطق.
يبرر الراوي السبب فيما وصل إليه من اقتناع بالشر بقوله: "لم يكن احتقاري للبشر نابعا من فشل في الاختلاط بهم والتكيف مع أفكارهم التافهة، بل كان مصدره الرئيسي أنني أحببت هؤلاء قبل ذلك، وفجأة اكتشفت أن هذا الحب غير موجود.. أجل، كنت أحب، لا أرى في الحياة غير النور والجمال، بل قد لا تصدقون أنني كنت رومانسيا ممن يكتبون الشعر ويتغزلون في الطبيعة وفي المرأة، كنت متساميا بالجمال عن كل ما هو واقعي"، من هنا يتبين أن كل ما وصل إليه مجرد رد فعل على أفعال مجتمعية أدت به إلى الكفر بكل ما يحيط به والإيمان بما يفكر فيه فقط.
يبين لنا الراوي أنه نشأ بين أبوين من مجتمع فقير وإن كانا قد نجحا في تخطي طبقتهما الاجتماعية إلى طبقة أخرى أعلى؛ وهو الأمر الذي جعلهما يخافان عليه من الاختلاط بغيره من البشر أو الأطفال الذين في عمره، بل كانا يهتمان به اهتماما مبالغا؛ الأمر الذي جعله في حالة من العزلة الدائمة، كما أعطته هذه الطريقة من التربية إحساسا بأنه مركز الكون وقطبه الأوحد، وربما كان هذا ما يُفسر لنا أفعاله التي تتماهى مع أفعال الإله- فعل التطهير-؛ ومن ثم اكتسب الكثير من اللامبالاة، والرغبة في التوحد والانعزال عن الآخرين، بل والخوف من الاختلاط، ثم كراهية البشر في نهاية الأمر؛ لأنهم غير قادرين على فهمه أو التعامل معه، ولعل هذا يتضح لنا حينما يقتل كلب ابن البواب وهو ما زال بعد صغيرا، أي أن هذا السلوك العدواني تجاه الكائنات بدأ معه منذ أن كان طفلا؛ الأمر الذي جعله يبدأ في كتابة القصص على مدونته، وهي القصص التي يتخيل فيها كيف يقتل الخيرين من الناس بوحشية ومتعة للتمثيل بجثثهم بينما هو هادئ تماما، لكن الأخطر أنه بعدما يشارك الآخرين خياله من خلال هذه القصص التي يتخيلها يبدأ في تنفيذها على أرض الواقع ليبدأ في البحث عن الشخصية المتناسبة مع ما كتبه ويقتلها بالفعل!
هذا الإحساس العميق لديه بأن الشر هو الأصل يجعله في حالة حقد حقيقي على من يقوم أو يحاول تعديل الواقع أو الاستمتاع به، وهذا الحقد يدفعه بالضرورة إلى القتل لمن يفعل ذلك؛ لذلك يحقد على العجوزين اللذين يراهما الناس جميعا معا وكأنهما ما زالا يافعين يستمتعان بالعشق: "لكن ربما حدث تغيير لمزاجه الآن، فرغباته تجعله يتقزز من الاقتراب من العجوزين كلما رآهما، لكن مشاعره انتصرت على رغباته لأول مرة حين قرر الاقتراب منهما وقتلهما، ليس لتقززه منهما ولا لشعوره بالمسؤولية نحوهما حيث يسخر الجميع من قصة حبهما المستمرة طوال هذا العمر: "أما زالا يحبان؟! أمثالهما يتعفنون الآن في القبور!". ذاك سن المعاناة، والناس يسخرون ممن لا يحترمون المعاناة، ليس لذلك، ولكن لأنه كرههما في أول مرة رآهما يسيران سويا يتطلع أحدهما في عين الآخر عند الحديث"، هنا يتضح لنا أن أي شيء جميل يراه أمامه يشعره بالحقد الحقيقي على من يفعله، ولعل حب العجوزين لبعضهما البعض، واستمرارهما في هذا الحب الذي يراه الجميع؛ جعله في حالة حنق وغضب كبير عليهما ورغبة في قتلهما، كما يمكن سحب هذا الشعور المريض على المجتمع بالكامل الذي لم يعتد أن يرى شيئا جميلا، وإذا ما رأى الجمال يسخر منه؛ لأنه غير قادر على التكيف سوى مع القبح، ومن ثم يصبح المجتمع كله في حالة مرض حقيقي وليس الراوي فقط حينما نلمح قول الآخرين الساخرين من العجوزين: "أما زالا يحبان؟! أمثالهما يتعفنون الآن في القبور!"، فرغم أن حب العجوزين لبعضهما البعض غير مضر لأي فرد من أفراد المجتمع إلا أن الآخرين يسخرون منهما سواء في السر أو الجهر، رغم أن علاقتيهما لا تدعو للسخرية منهما بقدر ما تدعو للإعجاب.
هذا الإحساس البغيض لدى الراوي تجاه كل من يتحلى بالصفات المثالية أو الأمل أو الحلم نراه يتحرك بسهولة ليتحول إلى قتل حقيقي وكأنه يستفزه أن يرى ذلك، حيث يرى أنهم غير صالحين للعيش في هذه الحياة البائسة المحتفية بالشر؛ وهذا ما جعله يقتل أحد شقيقين يكره أحدهما ويبغضه لأنه مدعي وغير حقيقي، بينما الآخر شديد المثالية ويشعر نحوه بالكثير من التعاطف، لكنه قرر قتل من يتعاطف معه وليس من يكرهه؛ لأن من يبغضه سينجح في التعامل مع الحياة المزيفة بينما الآخر الحقيقي سيجد صعوبة في هذه الحياة؛ ومن ثم وجب التخلص منه: "ذلك التناقض بينه وبين أخيه كان غريبا، فبينما كان شقيقه يحدث الناس عن النجاح كمعنى وحيد للوجود لا يرى سواه، كان هو يحدثهم عن إدراك الوجود كمعنى وحيد للسعادة. كان صديقنا يمر بخلل فكري بعدما رأى ما حدث لذلك الشاب من محل "الموبايلات"، احتار أيهما يقتل، ولكنه حسم أمره سريعا، فقتله للأول يساوي قتله لنجاح سريعا ما سيعوض، أما الآخر فهو جزء متفرد من الوجود لن يتكرر، وكانت في نفسه الكثير من الكراهية نحو الأول؛ فقرر قتل الثاني. عندما أذن الفجر سلك الشاب النقي طريقه للمسجد وحيدا، توقف لحظات نظر خلالها للسماء، تحدث إليها هامسا وجسده يدخل في خفقات غريبة يغلق على أثرها عينيه، ثم يفتحهما وابتسامة صادقة عجيبة ترتسم على وجهه، وصاحبنا ما زال منتظرا محدقا فيه متعجبا مما يرى، لم يلحظه وهو يمر إلى جواره، تسلل إليه من خلفه، وضع ذراعه حول رقبته ثم سحبه خلف المبنى. تحدث إلى نفسه وهو يجز رأسه قائلا: وهذا ثقل حمل زائد على الحياة، كره الحقيقة وارتمى بين أحضان شيطان الأمل، مدمن للأمل يغويه قلبه متجاوزا ما يراه العقل، والقلب خداع. حمل رأس الشاب وقذف بها في جدار المبنى المقابل لتحدث صوتا ضعيفا قبل أن تستقر على الأرض، ثم استخرج قلبه من بين أحشائه، حمله بين يديه ونظر إليه محتقرا، قطعه طوليا ليصنع منه شيئا يشبه الغلاف، حمله وتوجه به حيث سقطت الرأس، وضعه فوق جبهته ليخفي عينيه تماما".
إنها الرغبة في القتل التي تجعله يرى كل ما يظنه صحيحا لا بد من فعله؛ لذلك لا يمكن له أن يشعر بالندم أو تأنيب الضمير، بل هو يشعر بالكثير من الراحة والسلام الداخليين حينما يفعل ذلك، وكأنه أدى رسالته السماوية الموكل بها، وهذا ما نلحظه بوضوح حينما يقول بعد قتله لهذا الشاب: "رفع يديه إلى السماء مرددا: يا ألله، أنت منحتني هذا الإدراك الشديد ورؤية ما لا يراه الناس، تقبل مني ما يراه الجاهلون شرا وسوءا ومنكرا، يا ألله أنت عظيم يجب أن ينكسر لقوتك الأقوياء أما الضعفاء أمثال هؤلاء، من يهربون من ضعفهم وعجزهم عن التعامل مع الناس، كيف لهم أن ينكسروا لذاتك وهم ضعفاء في الأساس بين الناس"، هنا يتحول الأمر بالنسبة إليه إلى يقين حقيقي بقداسة المهمة التي يؤديها وكأنها مهمة تُقربه من الله، أو أنه ظل الله على الأرض، أي أن الأمر تحول إلى مرض حقيقي خطر على الجميع؛ لذلك سنراه فيما بعد حينما يتم اعتقاله ويعجز عن فعل القتل يبدأ في تخيل غيره يؤدي مهمة القتل بدلا عنه، أي أن فعل القتل قد بات أصيلا في حياته لدرجة أنه يعوض عجزه عن الفعل بتخيل الآخرين يفعلون ذلك، فنراه يتخيل زميله الطبيب المشارك له في الزنزانة وهو يقتل: "تخيلته وهو ذاهب لفحص حالة جاءه أهلها مطالبين باستخراج تصريح دفن لها، اقترب من منزلها فوجد الناس يتجمعون بأعداد كبيرة خارج البيت، وقف جوارهم، استمع لحديثهم، أدرك أن تلك السيدة كانت فاضلة للغاية، لقى الجميع الخير على يديها، حزن عميق صادق كان مسيطرا على الناس. دخل ليفحصها، اتسعت عيناه وهو يشعر بنبضات تتقافز أسفل أصابعه. ماذا تجد يا دكتور؟ لا شيء، اذهبوا لتحضروا لي ما كان موصوفا لها من دواء. أمسك برقبتها فور خروجهم، هامسا في أذنيها: خدعت هؤلاء الناس بالأمل ليعتقدوا أن الحياة ما زالت تحوي المزيد من الخير، سيضيعون عمرهم بحثا عن المزيد ولن يجدوه، لا مزيد من الخديعة بعد الآن، يجب أن ترحلي. توقفت النبضات عن التسرب وتوجه إلى أهلها بعد دخولهم بالعزاء".
هنا تحول فعل القتل لديه إلى شيئ أصيل لا يمكن أن يعيش من دونه؛ حتى أنه يتخيله كي يشعر بالراحة التي تسري في جسده حينما يقوم به.
يحاول الراوي دائما البحث عن جميع الأشخاص المحتملين للقتل، المهم أن يكون هناك شخصا ما صالحا لهذه المهمة التي يشعر معها بالكثير من الراحة والتحقق؛ لذلك، ورغم أنه لم يقتل من قبل أي شخص تربطه به أي علاقات أو مشاعر فإنه يفكر في البحث بين من يعرفهم عمن من الممكن أن يكون صالحا للتخلص منه، وهنا سنراه حينما يخرج من إحدى الندوات يتذكر صديقا له منذ أيام الجامعة فيتجه إليه: "تذكرت أين يسكن وذهبت إليه، لم يزل وحيدا كما تركته منذ سنوات، محاطا بأرفف محطمة مكتظة بمجلدات ضخمة، وما لم تتحمله الأرفف ألقي بجوار السرير والمكتب المتهالك الساكن منذ سنوات أسفل نافذة الغرفة الوحيدة، وستارتها التي فرق الزمن بين خيوطها أدركت حماقة صبرها، لم تتغير ابتسامته التي تركتها عليه آخر مرة، ولسذاجته في فهم الناس لم يكتشف الشخص الآخر الذي أصبح يسكن داخلي، لم تكن لديه القدرة على التفريق بين الجميل والقبيح؛ فكان يرى كل شيء جميلا، تحدثنا عما كان بيننا وإن كان حديثي باردا جافا مقتضبا، لم يكن إلا لغرض معرفة ما وصل إليه، ويا للعجب! كانت خطته لتغيير العالم ما تزال قائمة لم يتخل عنها ولا عن تفاؤله، بل أصبح مهووسا بها أكثر، تحدث عن رغبته في تغيير العالم نحو الأفضل، وترك أثر في الحياة".
يتضح من خلال هذا الاقتباس أنه لولا تأكده من أن صديقه ما زال يحلم ويعيش في الكثير من الأوهام كما يتصور هو لما كان قد قتله، لكنه اضطر إلى هذا القتل والتمثيل بجثته بدافع أنه بمثل هذا الفعل فهو يريحه من أوهامه التي يعيش أسيرا لها ولن يستطيع تحقيقها بل ستدفعه إلى الكثير من العذاب.
هنا يؤكد لنا الراوي كيف كان مقتنعا تماما بما يفعله وأنه ما كان يمكن له أن يؤنب نفسه على أفعاله: "كانت نفسي تعذبني في البداية، ومع مرور الوقت كان علي إيجاد التوازن عبر اللجوء إلى الإنكار، إنكار كل ما زرع في عقلي من مبادئ وأفكار تُفسد متعتي، كان يجب علي التوقف عن البناء، فكل ما أبنيه كنت أهدمه، وعن تحميل نفسي ذنب أي شيء يحدث في الحياة، الحياة هكذا سيئة جدا بوجود أخطائي أو بغيابها، توقفت عن الاعتذار وعقاب النفس والتأسف عما أفعله، وحتى لو كان ما خلصت إليه سيئا، فما كنت أفعله قبل ذلك في نفسي أكثر سوءا، ووجب علي حينها تحويل احتقار الذات ذلك إلى كراهية واحتقار البشر، كانت تلك طريقتي الوحيدة للتخلص منه وكان هذا بداية لجوئي لما يُطلق عليه الناس شرور، تحولت كراهيتي للبشر إلى شرور واتهمتهم بعدها بأنهم السبب فيها"، إنه يبرر لنفسه ما يفعله ويشرعنه؛ ومن ثم يكتسب المزيد من المشروعية والاطمئنان؛ لذلك حينما يستمع إلى أحد الشباب يقول لصديقيه على المقهى وقد أخذه الحماس: "سيتغير كل شيء، أنا واثق من ذلك تماما، كل ما تربينا عليه من فقر وقهر وظلم سينتهي قريبا، ما زال هنالك الكثير من الأمل، صدقوني، هناك حياة جميلة جديدة لنا جميعا على وشك أن تبدأ قريبا".
نقول أن الراوي بمجرد ما استمع إلى هذا الشاب يقول ذلك حتى بدأ يفكر في قتله مباشرة: "سأقتله أنا، بالتأكيد سأقتله لن أتركه ينشر سخافاته الفارغة وابتساماته الكاذبة، العالم فوضوي عشوائي، ليس هناك شيء يؤدي لشيء نحن عاجزون عن التحكم في أي شيء، يجب أن يُقتل هؤلاء المتفائلين التافهين المتعلقين بآمال سمجة، يجب أن يتذوق الجميع طعم الجحيم، لينهار العالم ويتسيد اليأس والهمجية والخراب"!!
محمد موسى في حفل توقيع روايته
ربما كانت ذكرى حبيبته الفرنسية التي تعرف إليها وعشقها عشقا قويا سببا مهما ومساعدا فيما تحول إليه من كراهية للعالم والبشر جميعا؛ فلقد كانت الفتاة الأولى والأخيرة التي استكان إليها، لكنها سرعان ما انتحرت ليعرف فيما بعد من خلال مذكراتها أن ما دفعها للانتحار هو العالم السيئ البغيض الذي لا يهتم بالضعفاء ولا المحتاجين ويتركهم يموتون، بينما يظل على قيد الحياة من يتحلون بالكثير من الصفات الشريرة فقط، والذين يتعاملون مع الآخرين بلامبالاة سواء بالنسبة لأحزانهم أو آلامهم، أو احتياجاتهم: "قبل أن أقابلها كانت متطوعة لجمعية تُدعى "وعاء الأفكار"، إحدى جمعيات الإغاثة العاملة في مخيم الغابة في كاليه شمالي فرنسا لدراسة احتياجات المهاجرين وتعريفهم بحقوقهم، وتعليمهم الفرنسية. كنت أسمع عن ذاك المخيم كثيرا، كان صورة مصغرة للبؤس البشري، آلاف الحالمين يعيشون في خيام بلاستيكية مهترئة أكواخ من ألواح خشبية بالية، وأخرى من الكرتون وغصون الأشجار التي لا تكفي لحجب ولو جزء ضئيل من روائح التفسخ والعفن المندفع من كل أركان المخيم، حملتهم أحلامهم إلى هناك، ربما لو كان المرء حيوانا لا يحلم لأدرك حقارة ما تحمله إليه أحلامه ولكذبها على الفور، ولكن أحدهم لم يفعل ذلك"، ولأنها ظلت فترة في هذا المخيم، ورأت فيه الكثير من المآسي، واستمعت إلى الكثير من القصص القاسية، ومات أمامها الكثيرون من الضعفاء الذين لم يجدوا من يلتفت إليهم أو يهتم بهم ومنهم أطفال لا حول لهم ولا قوة؛ فلقد رأت العالم كئيبا كريها لا يحمل سوى الخراب والشر فقط؛ الأمر الذي دفعها إلى الانتحار، وهو ما ترك بأثره العميق عليه هو شخصيا؛ فبات ينتقم من العالم بكراهيته له، وبات يتوهم أن التخلص من المثاليين الحالمين ليس إلا رحمة لهم حتى لا يلاقوا مصير حبيبته التي رحلت.
لكن مع تأمل هذا العمل الروائي سيتأكد لنا أن الرواية تنطلق من خلال فكرة ذهنية في الأساس، أي أنه لا يعتمد على الواقع أو على حدث ما بقدر اعتماده على أفكار مجردة تدور في ذهن الروائي، ومن ثم رغب في تحويل هذه الفكرة المجردة إلى عمل روائي، ولعل تحويل الأفكار المجردة إلى أعمال روائية يكون فيها الكثير من المخاطرة المحفوفة بالوقوع في شرك التأملات، وادعاء الحكمة، وتفسير الكون، وما إلى ذلك من الأمور التي تؤدي بالعمل في النهاية إلى المباشرة والتقريرية التي لا معنى لها؛ ومن ثم يخرج من الحالة الروائية إلى ما يشبه المقال، أو الثرثرة التي لا داع لها.
فهل نجح الروائي في تحويل فكرته إلى عمل روائي بعيدا عن الخطابة، والتقريرية، والثرثرة والركاكة؟
عند قراءة العمل الروائي يتضح لنا أن الروائي نجح إلى درجة كبيرة في صياغة الفكرة التي تدور في ذهنه إلى عالم روائي مقنع وإن كان قد سقط في شرك التقريرية والثرثرة أحيانا، وهذا يعود إلى الفكرة التي انطلق منها في حد ذاتها وهي الفكرة التي لا تحتمل الروائية من دون الوقوع في مشاكل التأمل والنقاش الفلسفي؛ لذلك نراه يقول: "لكم تمالكت لساني وأنا أشاهدهم في تلك اللوحات، وقيدت نفسي عن الصياح فيهم لا تنخدعوا بتملق والديكم فلستم سوى نتاج لرغباتهم وشهواتهم، هؤلاء من يبتسمون ويضحكون في وجوهكم هم من قذفوا بكم في هذا القفص المظلم المُسمى الحياة وأغلقوا عليكم الأبواب، لا تنخدعوا بهم، وانتظروا لتكتشفوا الزمن وهو ينشب أظافره في أجسادكم اللينة الرقيقة وهم يشاهدونكم وينتقدونكم، قاموا بتسليمكم إلى الزمن ثم رقدوا وراحوا في نوم عميق بابتسامة دب غبي انتهى للتو من إفراغ شهوته. لن يعترفوا لكم بحقيقة أنكم لستم سوى مخلوقات متسخة عديمة القيمة ممتلئة الخدود تتلخص قيمتها عند بداية الحياة في الأكل والتبرز وإعطاء قبلة وعمل (باي)، ولن تزيد القيمة كثيرا عن ذلك بعدما تكبرون. لن يخبرونكم أنكم أنذال صغار تعيشون لإشباع متعكم الخاصة، لا قيمة للزمن عليكم إلا فرض القيود، وتعليمكم كيف تخفون رغباتكم وكيف تبررونها أيا كانت حقارتها، وتغييرها لتصير كرغبات الكبار من حولكم"، هنا يقع الكاتب بالفعل في شرك الثرثرة التي لا معنى لها؛ الأمر الذي يقلل من قيمة السرد الروائي ويصبح ما يكتبه مجرد ترهلات لا معنى لها سوى التأمل وشهوة الحديث فقط.
نرى ذلك أيضا في: "يصيح الوهم فيهم ليخبرهم أنا وهم ولا تقيموا عالمكم علي، ولكن بالتأكيد ليس لهم بديل، فدون الوهم دوما سؤال مؤرق يبحث عن المعنى والغاية، قد تفقد إجابه الرغبة في الحياة، ولم التعجب من ذلك؟ فتاريخ البشر ليس إلا محاولة هروب مستمرة من مواجهة الخواء المسيطر على أرواحهم وإحباطهم الوجودي عسير التفسير"، وهو اقتباس يدلل على التقريرية التي لا معنى لها، ولا يمكن أن تخدم السرد الروائي أو تعمل على تقدمه للأمام بقدر ما يتوقف السرد الروائي عند التأمل الذي لا معنى له روائيا.
نلاحظ من خلال رواية "الخراب" للروائي محمد موسى أنه يقع في بعض الأخطاء التركيبية والأسلوبية والتي يتوقف أمامها القارئ باعتبارها نتوءا في جسد السرد الروائي؛ مما يعطل استمرارية عملية القراءة كأن يكتب: "يمران يوميا أمام شرفة منزله، عجوز في الثمانين وزوجته التي أوشكت أن تلحق به، وحيدان يتأبط أحدهما ذراع الآخر"، فثمة خلل جسيم هنا لا يمكن أن يمر بسهولة؛ الأمر الذي يجعل القارئ يتوقف كثيرا أمام الفقرة محاولا تفسيرها، فكيف يمكن فهم عبارة "عجوز في الثمانين وزوجته التي أوشكت أن تلحق به"؟! وكيف لها أن تلحق به؟! قد يظن القارئ أنها ستلحق به لأنها متأخرة عنه في السير مثلا، لكنه بعد هذه العبارة مباشرة كتب: "وحيدان يتأبط أحدهما ذراع الآخر"، أي أنها ليست متأخرة عنه في السير، بل تسير بجواره تماما، وهنا لا يمكن أن يُفهم المعنى إلا بأنها أوشكت أن تلحق به عمريا، وهو ما لا يمكن أن يستقيم من حيث المعنى والواقع؛ لأنها من المستحيل أن تلحق به عمريا ما دام الاثنان حيان يرزقان؛ لأن عمره لن يتوقف كي تلحق به، وهنا نرى أن العبارة كانت عبارة عن نتوء لغوي لا معنى ولا ضرورة له، كما أن عدم وجودها كان هو الأوقع، ولن يتأثر المعنى إذا ما حُذفت بقدر اختلاله في حالة وجودها.
كما نلاحظ خللا في تركيب جملته: "كنت دوما ما أبدو في البداية مقتربا من الكمال"، إذا ما قرأنا الجملة مرة أخرى لشعرنا أنها تخلو من الانسيابية وتؤدي إلى الكثير من القلق في جرسها الموسيقي، أي أنها ثقيلة جدا على أذن المتلقي في هذا التركيب الذي يبدو عصيا، وكان من الممكن أن يعمل الكاتب على تركيبها بشكل آخر أفضل كأن يقول مثلا: "في البداية كثيرا ما كنت أبدو مقتربا من الكمال"، أو أي شكل آخر من التركيب الأسلس للجملة، أما أن تبقى هكذا فهي تؤدي إلى توقف القارئ عن إكمال العمل من أجل تأمل التركيب المرتبك.
لكن ما لا يمكن تجاوزه مطلقا في هذه الرواية هو الجرائم اللغوية، أو المذبحة التي ارتكبها الكاتب في حق اللغة العربية التي يكتب بها، وبما أن اللغة في الأساس هي الأداة الأولى لأي كاتب، وهي الوسيلة أو الوسيط الذي يترجم أفكاره إلى القارئ من خلالها؛ فلا بد أن يكون الكاتب متقنا لهذا الوسيط قادرا على التعامل معه بكل سلاسة وإتقان، أما أن يرتكب من الجرائم اللغوية ما لا حصر له في الرواية؛ الأمر الذي يجعل القارئ غير قادر، وليست لديه الرغبة في إكمال قراءة العمل بسبب بشاعة الأخطاء اللغوية التي يزخر بها العمل فهذه في حد ذاتها كارثة، تُدلل على أن الكاتب لا بد أن يتعلم العربية أولا قبل التفكير في الكتابة، كما يدلل على إهمال دار النشر التي طبعت له هذا العمل، ومن ثم عدم مراجعتها للعمل قبل الطباعة، أي أن الكاتب والناشر معا لم يعنهما النظر إلى العمل قبل خروجه للقارئ، وهذه استهانة كبيرة بعملية الكتابة والنشر في آن.
لذلك رأينا جرائم لغوية مثل: "بالائمة" بدلا من "باللائمة"، و"أتثاؤب" بوضع الهمزة على الواو بدلا من "أتثاءب"، وقوله: "عينيها غير المبصرة" في حين أن الصحيح "غير المبصرتين" لأنهما مثنى، وكتابته: "جأت إلى هنا" بوضع الهمزة على الألف بدلا من "جئت" حيث موضع الهمزة على النبرة، و"لأختبأ" بوضع الهمزة على الألف في حين أن الصحيح هو "لأختبئ"، وكتابته: "وصولي مخنس" بدلا من "مخنث"، كما لاحظنا أن المؤلف لا يعرف شيئا عن الأفعال الخمسة ولم يقرأ عنها من قبل لذلك جاءت كلها خاطئة فكتب في غير موضع: "لا يفهموها"، والصحيح "يفهمونها"، و"يتحدثوا" بدلا من "يتحدثون"، وغير ذلك الكثير.
لكن أن يكتب روائيا "رءاها" بدلا من "رآها"، فهذه جريمة حقيقية في حق اللغة، أو "يأمنون" بدلا من "يؤمنون"، كذلك "الضئال" بدلا من "الضآل"، أو "ذائل" بدلا من "زائل" وهو خطأ لا يمكن أن يقع فيه طالب في المدارس الابتدائية، أو "دون أسألة" بدلا من "أسئلة"، و"عن مخبئ" بدلا عن "مخبأ"، و"أزيال الزمن" بدلا من "أذيال"، أو يستخدم ألف الإطلاق الدالة على الجماعة في غير موضعها ظنا منه أن الواو هي واو الجماعة في حين أنها واو الفعل في قوله "ليعلوا" بدلا من "يعلو"، كما أنه لم يسمع يوما عن الفرق بين ألف الوصل وهمزة القطع وهو ما جعله يخلط بينهما ويضع الهمزات حيثما يحلو له ويحذفها وقتما رغب في ذلك، وهو الأمر الذي جعله يكتب على غلاف الرواية مفردة "الانتظار" بالهمزة فجعلها "الإنتظار"، وغير ذلك الكثير من الجرائم التي تجعلنا غير قادرين بالفعل على قراءة عمل يستهين باللغة مثل هذه الاستهانة التي تصل إلى درجة التحقير من شأنها؛ وبالتالي فلا داعي لقراءة ما يكتبه إلا بعدما يتعلم اللغة العربية أولا قبل التفكير في الكتابة مرة أخرى.
رواية "الخراب" للروائي محمد موسى من الروايات التي تعتمد على الفكرة المجردة، وهي من الأمور التي يصعب تحويلها إلى سرد روائي، لكن الروائي نجح في ذلك رغم وقوعه في شرك التقريرية والثرثرة أحيانا، وإن كان قد أهان عمله الروائي في النهاية بقتله للغة التي يكتب بها.




محمود الغيطاني

مجلة عالم الكتاب.
عدد فبراير 2019م





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق