إذن، فالحادث الإرهابي الذي هز النرويج في ذلك الوقت كان بأهداف سياسية في المقام الأول، ولا علاقة له بأي انتماءات دينية، أو أصول عربية، ومن خلال هذا الحدث المأساوي حاول المُخرج إريك بوب تأمل الحدث وإعادة إنتاجه من الخيال تماما، أي من دون الاعتماد على أي قصة حقيقية حدثت أثناء هذه المذبحة، بل اعتمد على شهادة الشهود الذين نجوا منها، وبناء على حديثهم تخيل سيناريو خاص لما حدث على ظهر الجزيرة، أو ما ظنه هو، وإن كانت القصة مُستندة في الأساس على شهادة هؤلاء الشهود، كما حرص من خلال فيلمه على عدم التعرض لأي أمر سياسي، أو حتى ظهور الإرهابي خلال الأحداث، بل كان حريصا على عرض المذبحة من خلال وجهة نظر الضحايا وما يعانونه من رعب وذُعر شديدين والتركيز عليهم فقط، من دون التعرض أو تصوير الإرهابي الذي لم يظهر طيلة وقت الفيلم إلا مرة واحدة من بعيد وكأنه شبح لشخص ما، ولعله في هذا يرغب في التركيز على الضحايا الذين لا بد لهم من احتلال الواجهة الإعلامية بدلا من التركيز على الإرهابي الذي قام بالمذبحة؛ لأن الضحايا في حقيقة الأمر هم الأحق بتصدر الواجهة الإعلامية وليس الشخص الذي قام بالجريمة.
لاحظنا كذلك حرص المُخرج الشديد على أن يكون زمن الأحداث في الفيلم منذ بداية المذبحة على الجزيرة هو نفس الزمن الحقيقي الذي استغرقته المذبحة في الواقع؛ فالأحداث الواقعية تشير إلى أن الإرهابي قد استغرق في هجومه على الجزيرة وتصفيه الشباب المراهقين الذين كانوا في المُعسكر الصيفي ما يقارب 72 دقيقة كاملة حتى تم إنقاذ باقي الضحايا، وهو ما فعله المُخرج بالفعل في فيلمه، حيث استغرقت الأحداث التي قدمها على الجزيرة منذ بداية الهجوم حتى بداية إنقاذهم نفس التوقيت الذي كان في الهجوم الحقيقي والواقعي.
هل يعني ذلك أن المُخرج إيريك بوب قد قدم لنا فيلما وثائقيا يهتم بالحدث الذي وقع في جزيرة أوتويا؟
لم يقدم المُخرج هنا فيلما وثائقيا، بل قدم فيلما روائيا مُتخيلا ما حدث في الجزيرة، مُتابعا الذعر الذي عانى منه الشباب المُراهقين أثناء الهجوم حتى بداية إنقاذ البقية الناجية منهم. ولعل لجوء المُخرج إلى التعاون مع المصور السينمائي النرويجي Martin Otterbeck مارتن أوتربيك كان من الخيارات والروافد المُهمة من أجل نجاح الفيلم على المستوى الفني؛ فهو من المصورين البارعين أصحاب الأسلوب الخاص في التصوير، لا سيما أنه حرص على استخدام الكاميرا المحمولة ليوحي لنا بالمزيد من التوتر الحركي والنفسي، وعدم الاستقرار المُتناسبين مع الحدث الشديد القلق والتوتر، كما لجأ المصور إلى اللقطات القريبة الطويلة التي تملأ إطار الشاشة؛ للمزيد من التأمل والتعاطف مع الضحايا الذين بدوا كفئران للتجارب تحت رحمة الإرهابي المُهاجم الذي يتتبعهم جميعا من أجل تصفيتهم مُرتديا الزي الرسمي للشرطة النرويجية؛ مما جعلهم يظنون أن الشرطة هي التي تهاجمهم ومن ثم لا يمكن مساءلتهم قانونيا، فضلا عن أن المصور فضل أن يكون تصوير الفيلم بالكامل من خلال لقطة واحدة ومتصلة منذ بداية الفيلم حتى نهايته One Shot أي أنه لم يقطع مرة واحدة طوال الوقت الزمني للفيلم، بل ظلت الكاميرا مُتابعة، مراقبة شاخصة للأحداث وكأنها تراقبهم عن كثب من دون وجود أي قطع للانتقال إلى مشهد جديد.
لا يمكن إنكار أن خيار تصوير الفيلم بالكامل من خلال One Shot هو من الخيارات الصعبة والمُجهدة كثيرا للمصور، كما لا يفوتنا أنها من الخيارات الفنية المُتميزة التي نادرا ما يلجأ إليها أحد المصورون؛ ليبدي من خلالها مقدرته الفنية التي يتميز بها، أي أن هذا الخيار بمثابة التحدي الفني بالنسبة لكل من المُخرج والمصور.
يبدأ المُخرج فيلمه بلقطة أرشيفية حقيقية من خلال الكاميرات التي سجلت الحادث الإرهابي الأول في أوسلو وتفجير مبنى الحكومة لبيان مدى الخراب الحقيقي الذي حدث، لكنه لا يلبث أن ينتقل في اللقطة التالية إلى جزيرة أوتويا حيث المُعسكر الصيفي الذي يضم المئات من الشباب المُراهقين المُنتمين إلى حزب العمل النرويجي، فنشاهد في اللقطة الأولى على ظهر الجزيرة كاجا- قامت بدورها المُمثلة النرويجية Andrea Berntzen أندريا بيرنتزن- التي تتوجه إلى الكاميرا مُباشرة بوجهها لتواجهنا كمُشاهدين قائلة وكأنها توجه حديثها إلينا: لن تفهمي أبدا، وكأنها من خلال هذه العبارة ترغب في إخبارنا بأن ما حدث أمر غير مفهوم، ولا مُبرر له كي يحدث، ولا يمكن إدراكه عقليا، لكننا نكتشف بعد لحظات أنها تتحدث إلى أمها في الهاتف مُستخدمة السماعات المُختفية داخل أذنها.
نعرف أن أم كاجا قلقة عليها بسبب حادث التفجير الذي حدث في أوسلو، لكنها تطمئنها أنها بخير هي وشقيقتها إيميليا- قامت بدورها المُمثلة النرويجية Elli Rhiannon Muller إيلي ريانون مولير- وأنهما في أكثر الأماكن أمنا في خضم هذه الأحداث، حيث لن يصل إليهم أي تهديد على ظهر الجزيرة. تبدأ كاجا في البحث عن شقيقتها إيميليا المُتمردة، وغير الراغبة في الخضوع لأي أوامر منها أو من أمهما، وحينما تجدها في الخيمة الخاصة بهما تلومها كاجا، لكن الفتاة لا تنصاع لشقيقتها راغبة في المزيد من الاستقلالية.
تتابع
الكاميرا كاجا منذ بداية الفيلم حتى المشهد الأخير، فنرى كاجا مُتجهة إلى أصدقائها
الذين يتناقشون في أمر الانفجار الحادث في أوسلو، فيرى البعض أنه مجرد انفجار عادي
ربما بسبب أنابيب الغاز، بينما يرى الآخرون أنه قد يكون حادثا إرهابيا لأحد العرب
المُسلمين، لكنهم أثناء نقاشهم يصل إلى أسماعهم طلق ناري وأصوات صراخ العديد من
الأشخاص، وسرعان ما يلمحون الكثيرين من زملائهم يجرون في كل الاتجاهات؛ الأمر الذي
يجعلهم يسرعون باتجاه أحد الأبنية للاختباء فيه وقد انتابهم الكثير من الذعر وعدم
الفهم لما يحدث من حولهم.المخرج النرويجي إريك بوب
تشعر كاجا بالكثير من القلق على شقيقتها وترغب في الخروج من أجل البحث عنها، لكن صوت إطلاق النيران الذي يأتي من كل مكان يجعلها تتراجع مُستسلمة بعد منع الآخرين لها من الخروج، لكن أحدهم يقترح بضرورة خروجهم والهروب من خلال الغابة التي على ظهر الجزيرة للاحتماء بها، وبالفعل يخرجون جميعا ليجروا باتجاه الغابة التي يختبئون فيها.
تحاول كاجا الاتصال بهاتف أختها، لكنها لا ترد عليها، بينما تحاول زميلتها الاتصال بالشرطة التي تؤكد عليهم بالاختباء لحين وصولهم من أجل إنقاذهم. يقترح أحدهم الهروب باتجاه البحر والسباحة فيه لأقرب جزيرة منهم؛ لأن الاختباء في الغابة لا بد سيجعل المُهاجمين يكتشفونهم ويتخلصون منهم. يسرع الجميع باتجاه البحر لكن كاجا لا تهرب معهم، بل تتجه إلى عمق الجزيرة حيث المُخيم؛ للبحث عن شقيقتها في خيمتهما الخاصة.
أثناء محاولة كاجا الزحف الحذر باتجاه المُخيم تجد أحد الأطفال/ توبياس- قام بدوره المُمثل النرويجي Magnus Moen ماجنوس موين- الجالس إلى جوار إحدى الخيم يبكي؛ فتحاول كاجا نصيحته بالتحرك من مكانه والاحتماء بالغابة، لكنه يرفض باكيا مُخبرا إياها بأن أخاه قد طلب منه الانتظار هنا لحين عودته، لكنها تقنعه في النهاية بالجري باتجاه الغابة للاحتماء بها، وتطلب منه أن يخلع معطفه الأصفر حتى لا يلحظه المُهاجمون ويقومون بقتله.
حينما تصل كاجا إلى الخيمة الخاصة بها وشقيقتها لا تجدها، فتحاول الاتصال بها هاتفيا، إلا أنها تكتشف وجود هاتف أختها النقال في الخيمة. تحاول كاجا العودة إلى الغابة مرة أخرى لتُهاتف أمها باكية مُخبرة إياها أنها لا تستطيع العثور على إيميليا، وأنهم يتعرضون لإطلاق النار، لكنها تعد أمها بأنها ستعثر على شقيقتها وتنهي المُحادثة مذعورة من أن يسمعها من يهاجمهم.
تحاول كاجا الهروب باتجاه البحر، لكنها أثناء فرارها تسمع صوت إحدى الفتيات تستغيث بها؛ فتكتشف فتاة مُصابة بطلق ناري فادح في كتفها النازف بغزارة- قامت بدورها المُمثلة النرويجية solveig koløen birkeland سولفيج كولون بيركيلاند- بينما تبكي بذعر شديد طالبة منها ألا تتركها وحدها وترحل. تعمل كاجا على مُساعدة الفتاة المُصابة وتربط لها جرحها العميق بمعطفها، لكن الفتاة تبدو وكأنها تفارق الحياة وتشعر بالكثير من البرد؛ فتحتضنها كاجا بشدة محاولة منحها المزيد من الدفء الجسدي، فتقول لها الفتاة: لو مُت، هل تستطيعين إخبار أمي إني أفكر فيها وأحبها كثيرا؟ تعمل كاجا على تهدئتها مُؤكدة لها أنها لن تموت وستعود مرة أخرى إلى بيتها، وأن الطلق الناري مُجرد طلق في الكتف لا يمكن أن يؤدي إلى موتها، لكن الفتاة تموت بالفعل بعد لحظات في نفس اللحظة التي تتصل فيها أم الفتاة بها على هاتفها؛ الأمر الذي يجعل كاجا تشعر بالكثير من القهر والحزن حتى أنها تهز الفتاة بقوة صارخة: استيقظي، ما اسمك؟ أنا حتى لم أعرف اسمك.
تسرع كاجا بهبوط المُنحدر الطيني باتجاه البحر، وحينما تفكر بالسباحة تلحظ أن أقرب يابسة من الجزيرة بعيدة، كما تشاهد إحدى الجثث في المياه؛ الأمر الذي يجعلها تتراجع عن قرار السباحة، وتحاول الاحتماء بالمُنحدر الطيني الذي تظلله الأشجار، فتقابل ماجنوس- قام بدوره المُمثل النرويجي Aleksander Holmen ألكسندر هولمن- الشاب الذي قابلها في بداية الفيلم ليسألها عن الوقت مُختبئا؛ فتلجأ للاختباء بجواره هو وشاب وفتاة أخرى، لكنهم بعد لحظات يشاهدون عددا كبيرا من الشباب يعدون بسرعة داخل المياه هاربين؛ فيسرع الشاب والفتاة اللذين معهما إلى الهروب مع الشباب، بينما يظل ماجنوس وكاجا مُختبئين في مكانيهما.
ربما كان مشهد اختباء كاجا وماجنوس والحوار العبثي الذي دار بينهما من أهم المشاهد في الفيلم؛ حيث يُدلل الحوار العبثي وغير المعقول الذي تبادلاه على أن الإنسان في لحظات الخوف والذعر الشديدين قد يلجأ إلى العبث لمُجرد نسيان المأزق المُخيف الذي يعاني منه، ويعمل على تقليل درجة الرعب التي يشعر بها؛ فرغم أن طلقات النار التي لم تتوقف في خلفية الفيلم طوال مُدته الزمنية ما زالت تصل للجميع مما يزيد من رعبهم، إلا أنهما يحاولان تجاهلها بين الفينة والأخرى، لكنها حينما تعود مرة أخرى ينقطع حديثهما لنراهما يرتعدان رعبا لفترة ثم سرعان ما يعودان إلى الحديث غير المُرتب، وغير المعقول؛ فيقول ماجنوس: كعادتي، أسأل نفسي: لماذا أنا هنا بحق الجحيم؟ أتيت فقط كي أنظر للفتيات، ثم لا يلبث بعد فترة من هذا الاعتراف أن يسأل كاجا: ماذا ستفعلين لو كنت في المنزل؟ ماذا لو كنت أنا في المنزل؟ كلا، لن أكون، فترد كاجا: كان عليّ الاستحمام بالماء الساخن، فيقول: حمام؟ يمكنك السباحة هنا بالطبع، ها أنت هنا، الجو رائع، أود أن أشتري كبابا ضخما، فتسأله: كباب؟ ليقول: يوجد محل كباب في بيديرسجاتا، أؤكد لك أنه الأفضل في البلاد، تأثيره قوي مع الفلفل الحار الإضافي، على حسابي، ماذا تقولين؟ أعدك أنه الأفضل في البلاد، موافقة؟ فتقول: وبعدها؟ يرد: ماذا يجب عليك أن تفعلي حينما تعودين لمنزلك بعد ذلك؟ لتقول له: ماذا ستفعل أنت؟ يرد: عشرة أمور عليك فعلها قبل الموت، أولا: سأذهب لنهائي دوري أبطال أوروبا مع نادي مانشيستر يونايتد، مُباشر في غرفة كبار الشخصيات، فتقول: سأذهب إلى مجلس البرلمان، أريد أن أدخل مجلس البرلمان، مما يجعله يقول لها: أنت من النوع الذي سيصوت له الناس، أشعر أنني فاشل، فتسأله: وأنت، ماذا ستكون؟ فيقول مُبتسما: مشهورا، أو مُمثلا، كلاهما، فتسأله: وماذا أيضا؟ يقول: سأتزوج، آمل ذلك على كل حال، أن أحظى بطفلين، تتساءل كاجا: لم يجب عليك أن تحظى بطفلين؟ يرد: نحن أربعة، إنه عدد كبير، أربعة أولاد، أفكر في الأم، لكنها تقول: نحن اثنتان فقط، أنا وإيميليا، يقول ماجنوس: حسنا رئيسة الوزراء، وماذا أيضا؟ لا بد أنك تحبين شيئا أكثر من العبث مع بيتر والعصابة، فتقول: أنا أغني في فرقة؛ فيطلب منها أن تغني قليلا، لكنها ترفض للحظات ثم تبدأ في الغناء بينما ترتعد رعبا كلما سمعت صوت إطلاق ناري جديد.
إن هذا الحوار العبثي وغير المنطقي، وغير المُتماسك يكاد يكون من أهم المشاهد والحوارات في الفيلم؛ لأنه بالفعل ينقل الحالة النفسية السيئة التي تكاد أن تشبه الهلاوس، وهي الحالة التي يعاني منها جميع الشباب المُطارد على الجزيرة والمُنتظرين لموتهم؛ الأمر الذي جعل المُشاهد يفهم الحالة النفسية للضحايا جيدا، ويكون شديد التعاطف معها.
تلمح كاجا الإرهابي يقف أعلى الجزيرة من بعيد مُصوبا النار باتجاههم؛ فتحاول الاختباء، لكنها فجأة ترغب في العودة للبحث عن أختها المُختفية، وتسرع إلى العودة للجزيرة من خلال طريق الغابة، لكنها أثناء رجوعها تلمح الطفل توبياس- الذي كان ينتظر شقيقه ونصحته بالهروب من الغابة- مقتولا على الساحل؛ فتنتابها حالة هستيرية من البكاء وتظل تردد بأنها قد طلبت منه أن يخلع معطفه حتى لا يلمحه الإرهابي. يلحق بها ماجنوس محاولا سحبها لمكان من المُمكن أن يحتموا به، مُؤكدا لها أن موتها لن يفيد شقيقتها أو يساعدها، لكنها تظل في حالتها الهستيرية من البكاء، وترفض الاختباء؛ فيصيبها طلق ناري يجعلها تسقط أرضا ميتة.
يشعر ماجنوس بالكثير من الخوف في اللحظة التي يلمح فيها قاربا يقترب من ساحل الجزيرة فيسرع إليه مع مجموعة من الضحايا، وينطلق القارب بالابتعاد مُنقذا لمجموعة منهم، حيث تكون إيميليا من بين من ركبوا القارب بينما وقعت كاجا ميتة على الساحل.
يهتم المُخرج إيريك بوب بعد هذا المشهد بإظلام الشاشة ليكتب عليها: الهجوم على جزيرة أوتويا استغرق 72 دقيقة، وقد مات 77 شخصا أثناء الهجوم، وكان هناك 99 شخصا بات من الصعب علاجهم، وأكثر من 300 شخصا يعيشون الآن بقلق وضرر عقلي كبير، وكانت عمليات الهجوم بمثابة تحذير ليوم الحساب إذا لم يغير حزب العمل من سياسته. في المحكمة، قال المُجرم: إنه قد فعل الشيء نفسه مرة أخرى، وقد قدمت محكمة 22 يوليو بلاغا مُحددا بأن الهجوم على مقر الحكومة كان من المُمكن أن يُمنع، لكن مقدرة السلطات على حماية الناس في أوتويا كانت مُتلاشية، وكان يجب أن يكون الاستعداد أفضل من ذلك.
يستمر المُخرج في الكتابة على الشاشة: الشخصيات والقصة في هذا الفيلم خيالية، والفيلم مبني على شهادة مُفصلة تُروى حسب عدة ناجين. ويكمل في كتابته: الحركات اليمينية المُتطرفة تنتشر في أوروبا والغرب، ومشاهد العدو الإرهابي تحدث كل ثلاثة أشهر، وهذه الآراء قد باتت أكثر شيوعا!
إن الجملة الأخيرة التي حرص المُخرج النرويجي إيريك بوب على كتابتها على الشاشة تُدلل مُؤكدة على أن المُخرج لم يلجأ إلى صناعة فيلمه عن المذبحة التي حدثت إلا من أجل إطلاق صرخة تحذيرية من الطريق المُظلم الذي تسير باتجاهه القارة الأوروبية بسرعة كبيرة، وهو طريق اليمين المُتطرف الذي ينمو بسرعة متزايدة؛ الأمر الذي قد يجعله يسيطر على مقدرات الأمور السياسية والاجتماعية والثقافية في القارة الأوروربية؛ فيعمل على تدميرها، ودفعها نحو التطرف الشديد وجرائم القتل والإرهاب والتفجيرات التي ستنتشر بسرعة وقوة كبيرة، لتغرق القارة في مُستنقع لن تعود منه مرة أخرى بسهولة.
إذن، فالفيلم النرويجي أوتويا 22 يوليو هو من الأفلام المُهمة التي حاولت تخيل ما حدث على ظهر الجزيرة أثناء المذبحة، وتصويره بشكل إنساني يدفع المُشاهد إلى التعاطف مع ما حدث، وقد جاء بمثابة الصرخة التحذيرية التي لا يمكن تجاهلها من صعود التيار اليميني المُتطرف في أوروبا وأثره الفادح والمُدمر على القارة الأوروبية بالكامل.
محمود الغيطاني
مجلة الشارقة الثقافية
عدد ديسمبر 2022م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق