إنه- الفيلم- التعويذة السحرية التي ألقاها
تار على رؤوسنا؛ فاستسلمنا لرؤيته الكونية الفلسفية للعالم وما يدور فيه من بؤس،
وقهر، ويأس، وفقر، وحاجة، واستغلال. وقعنا أسيري رؤيته الدائرية، المُتداخلة-
الصفرية- الثابتة للزمن، حتى إن زمن العالم الفيلمي هنا لا يمكن له أن يتقدم إلا
بصعوبة جمة، وكلما انتقل تار إلى لقطة جديدة من لقطاته الطويلة الأبدية نظن أنه
يتقدم بنا في الزمن إلى أن نكتشف بأننا ما زلنا في أماكننا حيث تركتنا اللقطة
السابقة، وربما قبلها بقليل!
وُلد تار في Pécs بيكس[2]، لكنه نشأ في العاصمة المجرية Budapest بودابست. كانا والداه يعملان في مجالي المسرح والسينما، فقد صمم والده المناظر الطبيعية، بينما عملت والدته كمُساعدة في المسرح لأكثر من 50 عاما. في سن العاشرة اصطحبته والدته إلى جلسة اختيار للمُمثلين، وهي الجلسة التي يُديرها التليفزيون الوطني المجري MTV؛ وفاز بدور ابن بطل الرواية في دراما تليفزيونية مُقتبسة عن رواية Tolstoy تولستوي[3]، The Death of Ivan Ilyich موت إيفان إيليتش[4] للمُخرج Imre Mihályfi إيمري ميهاليفي[5]، فضلا عن دوره الصغير في فيلم Szörnyek évadja موسم الوحوش[6] 1987م، للمُخرج المجري Miklós Jancsó ميكلوس يانسكو[7]-الذي يتشابه معه تار كثيرا في أسلوبيته السينمائية- وعدد قليل من الأدوار التمثيلية، منها ظهوره في فيلم The Dog’s Night Song أغنية كلب الليل للمُخرج Gábor Bódy غابور بودي[8] 1983م. وهو الأمر الذي يؤكد عليه جيريمي جار بقوله: "نشأ تار في بودابست، حيث جاء أول عرض عملي له للفنون المسرحية عن طريق التمثيل في الفيلم التليفزيوني عام 1965م Iván Iljics halála وفاة إيفان إيليتش[9]، وهو مُقتبس من رواية تولستوي "موت إيفان إيليتش". ظهور تار الإضافيين الوحيدين أمام الكاميرا سيتضمن أدوارا صغيرة في فيلم Kutya éji dala أغنية كلب الليل[10] للمُخرج Gábor Bódy غابور بودي 1983م، وفيلم ersSeason of Monst موسم الوحوش للمُخرج Miklós Jancsó ميكيلوس يانسكو 1987م[11]".
إنه الموضوع
الذي كثيرا ما يؤكد عليه من يتناولون الحياة المُبكرة لتار: "بدأ بيلا تار
المولود عام 1955م في Pécs بيكس- وهي مدينة صغيرة
تقع في جنوب غرب المجر- في إنتاج أفلام قصيرة بعد أن أهداه والده كاميرا مقاس 8
ملم في عيد ميلاده الرابع عشر، وكانت أفلامه المُبكرة ذات الميزانية المُنخفضة Family
Nest عش العائلة
1979م، وThe Outsider اللامُنتمي 1981م، وThe Prefab People أناس سابقو
التجهيز 1982م[12]"، أي أن تار بدأ مُبكرا- وهو في السادسة عشرة-
بصناعة السينما من أجل التعبير عن الناس، ومُعاناة المُجتمع من حوله، وهو ما
رأيناه في هذه الأفلام الثلاثة الأولى- Proletarian Trilogy ثلاثية البروليتاريا- فضلا عن فيلمه الأول المفقود.
سعى تار في البداية إلى أن يصبح فيلسوفا،
واعتبر صناعة الأفلام بمثابة هواية، لكن بعد إنتاج فيلمه القصير مقاس 8 ملم؛ لم
تسمح له الحكومة المجرية بالالتحاق بالجامعة، لذا اختار بدلا من ذلك مُتابعة إنتاج
الأفلام. في عُمر السادسة عشرة قام بإنتاج أفلام للهواة، ثم عمل لاحقا كمسؤول في National House for Culture and Recreation دار الثقافة والترفيه الوطنية.
يقول Carlos Aguilar كارلوس أجيلار- مُحرر جريدة لوس أنجلوس تايمز- عن ذلك: "قبل
أن يلتقط بيلا تار كاميرا مقاس 8 ملم، عندما كان مُراهقا في بودابست تحت الحُكم
الشيوعي، كان تار يعمل في مصنع، لكنه أراد دراسة الفلسفة. أدت خلافاته
الأيديولوجية المُبكرة مع السُلطات إلى منعه من مواصلة التعليم الرسمي؛ لذلك تحول
إلى لغة السينما، وقال: طوال حياتي كان لدي بعض الحساسية الاجتماعية، وإذا ما
شاهدت أفلامي، فلا فيلم منهم يتحدث عن الأشخاص الذين عادة ما يكونون على غلاف مجلة
[13]Vanity Fair[14]". وهو ما يؤكد عليه Jeremy Garr جيريمي جار في مجلة Senses of Cinema "حواس
السينما"[15] حينما يتحدث عن تار: "رغم انخراطه في أفلام قصيرة
مقاس 8 ملم عندما كان مُراهقا، لم يكن لدى تار نية حقيقية في أن يصبح مُخرجا
سينمائيا. كل ذلك تغير مع مُشاركته في الحركة اليسارية في المجر، والتي من خلالها
بدأ العمل على فيلم وثائقي- ضائع الآن- بعنوان vendémunkások العمال الضيوف 1971م حول حزب العمال الاشتراكي المجري[16]". إنه الفيلم الذي كان يتحدث عن العمال المُهاجرين
إلى المجر، ومُعاناتهم التي يعانونها، ووضعهم القانوني، ورفض السُلطات المجرية
لتوطينهم، فضلا عن انتقاده لرئيس مجلس الوزراء المجري János Kádár يانوس كادار
في هذا الفيلم.يانوس كادار
إذن، فتار لم تكن لديه النية الحقيقية في أن يكون صانع أفلام، كان يريد أن
يصبح فيلسوفا، ويدرس الفلسفة، لكن الصدفة وحدها، وانخراطه في اليسار السياسي،
وصناعته لفيلمه المفقود عن وضع العمال المُهاجرين وهو في عمر السادسة عشرة، وإهداء
أبيه له لكاميرا 8 ملم في عيد ميلاده الرابع عشر، كل هذه الظروف تكاتفت واتفقت
عليه من أجل إنهاء حلمه في دراسة الفلسفة؛ حيث غضب منه النظام السياسي الاشتراكي،
ومن ثم حرمه من الدراسة؛ الأمر الذي جعله يفكر في الاستمرار في التعبير عن
المُجتمع من حوله، وما يعاني منه تحت ثقل الحُكم الشيوعي الجاثم على صدور الجميع،
وتدمير الحياة الاجتماعية المجرية من خلال مجموعة من السياسات التي ترى في
المواطنين المجريين مُجرد مجموعة من الآلات من أجل الإنتاج، مما أدى في النهاية
إلى تدمير الحياة الاجتماعية المجرية، وتفسخها، وانهيار العديد من الأسر، وتفشي
الطلاق بسبب سوء الأحوال الاقتصادية، والكثير من الأمراض الاجتماعية التي يؤدي
إليها الضغط الاقتصادي، وهو ما عبر عنه بجلاء في أفلامه الروائية الثلاثة الأولى-
فيما يُطلق عليها Proletarian Trilogy ثلاثية البروليتاريا- التي تمثل مرحلته الأسلوبية السينمائية- الواقعية- قبل التحول إلى المرحلة
الأسلوبية الجمالية الأعمق- الفلسفية- التي نعرفه بها، وهي المرحلة الفلسفية
الوجودية التأملية في الإنسان، والتعبير عن كرامته، وعن البؤس الذي يعانيه،
ومحاولة البشر الدائمة للخلاص في عالم من دون إله يعتني بهم!
إنه ما يعبر عنه المُخرج بوضوح مُباشر في قوله: "لم أرغب في أن أكون
مُخرجا، لقد حصلت على أول كاميرا مقاس 8 ملم كهدية عيد ميلاد من والدي، ولم ألمس
هذه الكاميرا لمُدة عامين تقريبا. عاد تار، وهو ابن لاثنين من العاملين في المسرح
إلى الهدية البائسة فقط عندما شعر بالدعوة إلى الثورة: كنت أفكر في أن الكاميرا
كانت مُجرد قطعة من المعدات؛ لأنني أردت تغيير العالم، ويمكنني استخدام هذا الهراء
لهذا الغرض، هذا كان موقفي[17]".
إن رغبة تار في التأكيد على أن لجوئه إلى صناعة السينما كان بمحض المُصادفة
البحتة بعد حرمانه من دراسة الفلسفة هو ما يعمل على التأكيد عليه في جميع لقاءاته
تقريبا، ولعل فيما نراه في أفلامه من رغبة عميقة في النحو بها باتجاه التفلسف،
والتأمل الطويل، والتوقف لفترات طويلة من أجل التفكير ما يؤكد لنا على ذلك؛ لذا
يقول في حوار آخر مع مجلة "فارايتي": "كنت في سن المُراهقة عندما
بدأت في صناعة الأفلام، لم أكن أريد أن أصبح مُخرجا سينمائيا، كنت أود أن أصبح
فيلسوفا. اعتقدت أن مهمتي في العالم هي تغييره[18]"! إنها الأحلام المثالية لشاب مُراهق في مُقتبل
عمره، اعتنق الفكر اليساري، وفكر من خلاله بشكل أقرب إلى المُراهقة الفكرية
النقية؛ لذا ظن لوهلة ما بأنه قادر على تغيير العالم- رغم أن هذا العالم نجح في
حرمانه من دراسة الفلسفة، وأرغمه على تغيير حياته إلى مجال آخر لم يفكر فيه يوما.
إذن، فغضب النظام السياسي على تار، بسبب فيلمه المفقود، ورد فعله العقابي العنيف في حرمانه من دراسة الفلسفة أديا به إلى الانهماك في صناعة الأفلام، وبداية الدائرة التي عاش فيها بكامل تفكيره ومشاعره مع فيلمه الروائي الأول Family Nest عش العائلة 1979م إلى أن قام بإغلاقها بإرادته الكاملة في فيلمه التاسع بعد "الواقعة"[19] حينما رأى أنه قد قال كل شيء، ولم يعد لديه ما يمكن أن يقوله، اللهم إلا تكرار نفسه، وبما أنه غير راغب في التكرار، فلقد قدم لنا فيلمه التاسع والأخير The Turin Horse حصان تورينو 2011م، مُعلنا أن العالم الجمالي والأسلوبي، والفكري، والفلسفي التأملي الذي كان قد بدأه مُنذ مُراهقته قد انتهى، ولم يعد له أي امتداد جديد؛ لذا وجب عليه إغلاق الدائرة التي بدأها، وهو ما رأيناه بالفعل في الفيلم الأخير الذي صور فيه نهاية العالم، وزواله ببطء لحظة بعد أخرى.
لكن، هل نجح تار في تغيير العالم كما كان يأمل في سنوات مُراهقته، وكما سبق
له أن صرح بذلك؟
إنه السؤال الذي وجهته إليه الصحفية منى شديد في لقائها به لصالح جريدة
الأهرام الإنجليزية حينما سألته: "في إحدى المُقابلات التي أجريتها قلت: إنك
في سنوات شبابك كنت تريد تغيير العالم، بينما لم تكن صناعة الأفلام حلمك. هل تعتقد
أن السينما قادرة على إحداث تغيير حقيقي؟ فيرد عليها تار بثقة: لا، هذا ما تعلمته
خلال أكثر من 40 عاما. لا يمكننا إحداث التغيير. يستطيع الناس تغيير العالم،
الفيلم هو جزء من هذا العالم. إذا ما قمت بتغيير لغة الفيلم ووجهة نظره؛ يمكننا أن
نفترض بأني أثرت على العالم"[20].
ألا نلمح في إجابة تار على سؤال الصحفية شيئا من اليأس في إحداث أي أثر من
خلال السينما؟ وهل معنى ذلك أن تار قد فقد الأمل في تغيير أي شيء بصناعته للسينما،
أي أنها قد باتت- بالنسبة إليه- مُجرد أداة عقيمة؟
إنه شكل من أشكال التراجع وإعادة التفكير في مُسلماته، ومحاولة تعديلها، أو
تكييفها مع الظروف الراهنة التي نجح في إدراكها. ربما يكون تار بعد كل هذا المشوار
السينمائي المُهم في تاريخ السينما المجرية- بشكل خاص- والعالمية منها- بشكل عام-
قد فقد شيئا من الأمل في التغيير باستخدام السينما؛ فالمجر ما زالت غارقة في
سباتها، ومُعاناتها الاقتصادية والاجتماعية حتى الآن، وبعد مرور سنوات طويلة على
انهيار النظام الاشتراكي فيها. لكننا لا يمكننا الانسياق خلفه واعتبار أن السينما
لا يمكنها التغيير؛ فالواقع يؤكد لنا على أن فن السينما هو الأداة الأولى،
والأنجع، والأشهر لتغيير النُظم، والسياسات، والمُجتمعات؛ فهي فن شعبوي، وشعبي
يستطيع أن يشاهده، ويتأثر به الجميع- المُتعلم منهم، والجاهل، والمُثقف، والصغير،
والكبير- وهي فن الصورة التي يفهمها الجميع بلا استثناء مهما اختلفت لغاتهم، ولعلنا
إذا ما اقترحنا على جمهور يتحدث بلغات مُختلفة أن يجلس أمام أحد الأفلام بلغة ما-
من دون ترجمة- وبعدما ينتهي هذا الجمهور من الفيلم وجهنا إليه السؤال: ماذا فهمت
من الفيلم؛ سنجد أن إجاباتهم ستكون مُتقاربة إلى حد بعيد- رغم أن الفيلم يتحدث
بلغة واحدة، ولا يوجد عليه ترجمة، والجمهور يتحدث بلغات مُختلفة، لكن الكائن الحي
قادر على فهم وإدراك الصورة، وترجمتها حتى لو لم تكن هناك ترجمة شارحة لما يدور
أمامه بلغة أجنبية لا يعيها.
لعل النموذج الأوضح في التاريخ على مقدرة السينما على تغيير الجماهير
والتأثير فيهم، بل وتثويرهم- أي تغيير وجه العالم- هو ما سبق لنا أن رأيناه قبيل
قيام الثورة البلشفية في روسيا وما حدث بعدها؛ "فعندما دخلت روسيا الحرب
العالمية الأولى في أغسطس 1914م، لم يعد من المُمكن استيراد الأفلام الأجنبية،
وأنشأت الحكومة القيصرية لجنة Skobelev سكوبيليف[21] لتحفيز الإنتاج المحلي، وإنتاج الدعاية لدعم النظام. لم
يكن للجنة تأثير فوري يُذكر، ولكن عندما سقط القيصر في مارس 1917م؛ أعادت الحكومة
المُؤقتة برئاسة Aleksandr Kerensky ألكسندر
كيرينسكي[22] تنظيمها لإنتاج دعاية مُناهضة للقيصر، وعندما ورث
البلاشفة اللجنة بعد ثمانية أشهر، حولوها إلى لجنة السينما التابعة للمفوضية
الشعبية للتعليم"[23].
ربما نُلاحظ هنا أهمية فن السينما باعتباره فنا دعائيا مُؤثرا تأثيرا قويا؛
لذا أنشأت الحكومة القيصرية لجنة سينمائية من أجل الدعاية للقيصر ونظامه، وهو ما
اتبعه البلاشفة بعد الثورة على النظام القيصري وإسقاطه؛ حيث رأى البلاشفة أنهم لن
يستطيعوا السيطرة على الجمهوريات السوفيتية الشاسعة، والدعاية لأنفسهم إلا من خلال
السينما- الفن الأكثر قبولا وشعبوية- فلقد "كان البلاشفة حزب أقلية يضم ما
يقرب من 200000 عضو، وقد تولى قيادة 160 مليون شخصٍ مُنتشرين عبر أكبر مساحة
متواصلة من اليابسة في العالم، ويتحدثون أكثر من 100 لغة مُنفصلة، وكان مُعظمهم
أميين. هنا نظر Vladimir Lenin فلاديمير
لينين[24] وغيره من القادة البلاشفة إلى وسيلة الأفلام السينمائية
كوسيلة لتوحيد الأمة الضخمة المُتباينة. كان لينين هو أول زعيم سياسي في القرن
العشرين يُدرك أهمية الفيلم كدعاية، وقدرته على التواصل بسرعة وفعالية. لقد فهم أن
الجماهير لا تحتاج إلى معرفة القراءة والكتابة لفهم معنى الفيلم، وأنه يمكن الوصول
إلى عدد أكبر من الناس من خلال الصور المُتحركة الموزعة على نطاق واسع أكثر من أي
وسيلة أخرى في ذلك الوقت. أعلن لينين: "السينما هي أهم الفنون بالنسبة
لنا"، وأعطت حكومته أولوية قصوى للتطور السريع لصناعة السينما السوفيتية التي
تم تأميمها في أغسطس 1919م، ووضعها تحت السُلطة المُباشرة لزوجة لينين، Nadezhda Krupskaya ناديجدا كروبسكايا[25][26]".
إذن، فلقد سيطرت الثورة البلشفية سيطرة كاملة وكلية وواعية على صناعة
السينما في روسيا؛ نتيجة لإدراكهم، وإيمانهم الكلي بأنها الوسيلة الأولى، والأنجح،
والأكثر ضمانا في السيطرة على الجماهير، ولعل هذا الإدراك الذي يقترب من اليقين
كان جليا في إعلان لينين: "السينما هي أهم الفنون بالنسبة لنا"، فهي
الفن الساحر، القادر على سوق الجماهير إلى الوجهة التي يرغبها القائمون على صناعة
الأفلام، وبالتالي "كان أول عمل للجنة السينما هو تأسيس مدرسة سينمائية
مُحترفة في Moscow موسكو لتدريب المُخرجين والفنيين، والمُمثلين للسينما، وكان معهد Vsesoyuznyi Gosudarstvenyi Institut Kinematografii
(VGIK) عموم
الاتحاد الحكومي للتصوير[27]، هو أول مدرسة من نوعها في العالم. في البداية، قامت
بتدريب الأشخاص على إنتاج Agitki الأجيتكي،
وهي نشرات إخبارية موجودة، تمت إعادة تحريرها بغرض التحريض والدعاية Agitprop. ثم تم نقل التحريضي في قطارات التحريض والبواخر التحريضية
المُجهزة خصيصا إلى المُقاطعات، حيث تم عرضهم لتوليد الدعم للثورة- استخدمت
السينما الكوبية التي تسيطر عليها الدولة نفس التكتيك بعد ثورة عام 1959م- في
الواقع، خلال السنوات السحيقة للحرب الأهلية الروسية 1918- 1920م كانت جميع
الأفلام السوفيتية تقريبا عبارة عن تحريض من نوع ما. تم تدريب مُعظم المُخرجين
الكبار للسينما الصامتة السوفيتية على هذا الشكل رغم قلة المعدات التقنية، وعدم
وجود مخزون أفلام سلبي، غالبا ما يُطلب منهم إنتاج "أفلام بدون شريط
سينمائي"، حيث تم توجيه الطلاب في VGIK لكتابة
السيناريوهات وتوجيهها، وتمثيلها كما لو كانوا أمام الكاميرات"[28].من فيلم "تانجو الشيطان"
إن ثورة هائلة، وضخمة بحجم الثورة البلشفية
لم تهتم في المقام الأول سوى بالسينما، بل وكرست كل مقدرات الدولة، وإرادتها من
أجل النهوض بالسينما، واستخدامها كآلة دعائية موجهة للجميع- المُتعلمين، والأميين،
والروس، والأجانب- فهي الوسيلة الأكثر انتشارا، وتأثيرا من أي وسيلة أخرى، وهو ما
جعل الثورة البلشفية محفورة في أذهان الكثيرين من حول العالم بفضل الأفلام التي
تمت صناعتها من أجل التمجيد لها. أي أن السينما قادرة في نهاية الأمر على تغيير
نُظم، وسياسيات، وأنماط حياة، بل وإسقاط حكومات، وبلدان وإنشاء غيرها إذا ما رغب
صُناعها في فعل ذلك من خلال توجيهها. صحيح أنها قد تفقد جزءا كبيرا من فنيتها مع
الأدلجة والتوجيه، لكنها سلاح استراتيجي مُخيف إذا ما رغبنا في استخدامه للتغيير.
هذه الحقيقة الخاصة بالسينما- القدرة على
التغيير- انتبهت إليها دائما النُظم العسكرية مُنذ ميلاد هذا الفن، وهو ما تكرر
أمامنا مرة أخرى حينما حدث الانقلاب العسكري المصري الذي قاده مجموعة من ضباط
الجيش على الملكية في 23 يوليو 1952م؛ حيث وضع العسكر السينما نصب أعينهم
باعتبارها سلاحهم الأول في اكتساب الشعبية والتأييد الجماهيري.
"لعل
الدليل القوي على استغلال "الثورة" للسينما من أجل خدمة مصالحها- تثوير
السينما- هو البيان الذي وجهه اللواء محمد نجيب[29]
إلى السينمائيين بعنوان "الفن الذي نريده" في 18 أغسطس 1952م، أي مُنذ
الشهر التالي "للثورة" مُباشرة والذي جاء فيه: "إن السينما وسيلة
من وسائل التثقيف والترفيه، وعلينا أن نُدرك ذلك؛ لأنه إذا ما أُسيء استخدامها؛
فإننا سنهوي بأنفسنا إلى الحضيض، وندفع بالشباب إلى الهاوية"[30]،
وهو ما يُدلل إلى حد كبير على مدى إدراك النظام السياسي لأهمية فن السينما، ومدى
تأثيره على الجماهير؛ ومن ثم تشكيل وعيهم واتجاهاتهم؛ من هنا بدأ النظام في
استغلال هذا الفن من أجل التوجيه والإرشاد بما يتناسب مع مصالحه وتوجهاته
السياسية.
لم يتوقف
الأمر، هنا، على بيان اللواء محمد نجيب فقط، "ففي 11 نوفمبر من نفس العام
أصدر القائد العام بيانا مُشتركا نشرته مجلة الكواكب كاملا تحت عنوان "رسالة
الفن"، جاء فيه إنه "يمكن القول: إن الفن عندنا كان إلى ما قبل يوم 23
يوليو، وربما حتى الآن، صورة للعهد الذي قامت نهضتنا للقضاء عليه. كانت الميوعة
والخلاعة- إلا في القليل النادر- هي سمات المسرح والسينما والغناء، ولم يكن أحد من
المُشرفين على هذه الوسائل، ذات الخطر العظيم في حياة الأُمم، يحاول أن ينحو بها
نحو الفن كما يجب أن يكون، بل كان الجميع- وهو ما يُؤسف له- ينحون بهذه الأسلحة
الخطيرة نحو التجارة، والتجارة وحدها، والتجارة الرخيصة في أغلب الأحوال، فما من
فيلم إلا وأُقحمت عليه راقصة، وإذا كان هذا قد حدث في الماضي، وسُكت عليه؛ فلأنه-
كما قدمت- كان صورة من العهد الذي نعيش فيه، أما اليوم فإننا لا نستطيع أن نقبل من
الفن، ولا من المُشرفين عليه شيئا من هذا الذي كان يحدث في الماضي، ولا شك أن نصيب
الفن والفنانين أكبر من نصيب غيرهم؛ فإن التأثير في الشعب بالأغنية، وبالمشهد
السينمائي، وبالمشهد التمثيلي لا يزال أقوى من التأثير فيه بأية وسيلة من الوسائل
الأخرى". وتمضي الرسالة لتكمل تصورها لطريق العمل تحت أربعة عناوين:
"التعب صنعة البنائين"، وفي هذه الفقرة تُحدثنا الرسالة عن المادة التي
لن تعوز المُؤلفين في تاريخنا القديم منه والجديد، وعن التعب الذي لن يهرب منه أحد
من أهل الفن، وعن التمويل، وتُقدم بديلا لعجز مُنتج فرد عن تمويل فيلم كبير يتمثل
في "الاتحاد"- أول مقطع في شعار العهد الجديد- الاتحاد مع مُنتج آخر أو
آخرين. والعنوان الثاني: "مدرسة الشباب" يحدثنا عن أوجه الشبه بين دار
السينما والمدرسة، والثالث: "مجال الفكاهة موجود"، وفي هذه الفقرة تنبه
الرسالة إلى أنها لا تقصد أن تكون الأفلام والمسرحيات مطارق تُدمر نفوس الناس،
فمجال الفُكاهة موجود، وتضرب مثلا بكوميديات الريحاني الهادفة، وينهي العنوان
الأخير الرسالة "واجب خطير"، وأخيرا فإن على الفن والفنانين واجبا
خطيرا، ذلك أن يجعلوا رسالتهم جزءا من رسالتنا"![31]ألكسندر كرينسكي
ألا نلاحظ هنا
من خلال ما أورده الدكتور محمد كامل القليوبي في الاقتباس السابق أن البيان الذي
نشرته القيادة السياسية في مجلة الكواكب، مُخاطبة فيه جموع السينمائيين، إنما يرغب
في التأكيد المُتعمد على أن كل ما كان من سينما وفن في العهد الملكي إنما كان
تجارة رخيصة، خليعة لا تمت للفن بصلة، وأن هذا العهد لم يكن أكثر من ماخور أو بيتٍ
للدعارة؟! كما نلاحظ أن البيان يحمل بشكل واضح ومُباشر الرغبة في توجيه السينما
اتجاها أخلاقيا، تثويريا من شأنه أن يعمل على توجيه الجمهور تبعا لما ترغبه السُلطة
السياسية، أي أن الثورة كانت تضع في حسبانها مُنذ اللحظات الأولى استخدام السينما
كأداة من أجل توجيه الجماهير وخدمة توجهاتها ومصالحها بغض النظر عن كون السينما
فنا في المقام الأول، وهو الفن الذي إذا ما تم توجيهه عمدا لا بد له أن يفسد ويفقد
تأثيره على المُتلقي- المنوط به عملية صناعة السينما بالأساس- كما لا يخفى علينا
هنا صيغة التهديد والوعيد الواضحة في الخطاب المُوجه للسينمائيين وكل من يعملون في
هذا المجال[32]".
هل يختلف ما
قام به العسكريون المصريون- لا سيما بيان اللواء محمد نجيب بخصوص السينما- عن
عبارة فلاديمير لينين السابقة "السينما هي أهم الفنون بالنسبة لنا"؟
إذن، فلقد سارت
ما أُطلق عليها "الثورة المصرية" في 1952م على نفس الدرب الذي سارت عليه
الثورة البلشفية في 1917م، ومن بعدهما الثورة الكوبية في 1959م- الانتباه للسينما
واستغلالها من أجل اكتساب التأييد، وتثوير الجماهير لصالح السُلطة- أي أنهم
انتبهوا، وأيقنوا من أن فن السينما هو الفن الأول القادر على التغيير- سواء بالسلب
أم بالإيجاب- لذا فنحن لا يمكن لنا الانسياق خلف المُخرج المجري بيلا تار في نغمته
الحزينة اليائسة التي تحدث بها مع الصحفية، ومحاولة إيحائه بأن السينما لا يمكن
لها أن تقوم بتغيير العالم؛ فهي كثيرا ما قامت بالتغيير- تأمل السينما الأمريكية
التي تجعل من أمريكا أسطورة في عيون الملايين من المُشاهدين من حول العالم رغم كذب
البروباجندا الأمريكية في الكثير مما تذهب إليه.
إن تار المولود
في 21 يوليو 1955م، والذي بدأ مسيرته الإخراجية مع ما يُسمى بالسينما الاجتماعية-
التي رأى بأنها قادرة على تغيير مصائر المواطنين المجريين وما يعانون منه من ويلات
اجتماعية واقتصادية من خلال سرد القصص اليومية عن الأشخاص العاديين بأسلوب السينما
الواقعية- ربما يكون قد شعر بالإرهاق بعد رحلته الطويلة في صناعة السينما؛ وبما أن
المُجتمع والسياسات المجرية لم يتغيرا كثيرا عما كانا عليه أثناء الفترة
الاشتراكية؛ فقد يكون قد شعر بأن السينما التي قام بصناعتها لم تغيّر شيئا- رغم
أنها لو لم تُغيّر، ولو لم يكن لها أثرها، لما سعى النظام السياسي إلى العمل على
تهميشه في المجر- ومن ثم انصاع تار لفكرة عدم التغيير، أو العجز عن التغيير من
خلال السينما التي توقف عن صناعتها بملء إرادته، رغم أنه قد قال في "مُحاضرة
ألقاها في عام 2011م في مهرجان New Horizons International Film Festival نيو هورايزنز السينمائي الدولي[33]، في مدينة Wroclaw فروتسواف[34] البولندية. وكان فيلمه The Turin Horse حصان تورينو قد خرج للتو، وكان يفكر في مسيرته المهنية: علينا أن
نوضح شيئا واحدا، ومُهما للغاية، كنت مُخرجا سينمائيا، لكنني لم أفعل ذلك من أجل
الوعظ. يمكنني ببساطة أن أشارك الألم الذي بداخلي، والذي بداخل الجمهور، وبداخل
أولئك الذين صنعوا هذا الفيلم. الفيلم هو فيلم. ولا يمكننا أن نتوقع المزيد منه.
بالتأكيد لن يحل حياة أو مشاكل أي شخص. إذا ما شاهده شخص ما في غرفة مُظلمة، وبعد
أن تُضاء الأضواء؛ شعر ذلك الشخص بأنه يتمتع بالمزيد من الكرامة، فهذا يعني أننا
قد قمنا بعملنا"[35].
ألا يعني قول تار هنا أن الفيلم قادر على التغيير؟ إنه على الأقل يغيّر من شعور الإنسان بكرامته الإنسانية، وهو شكل مُهم من أشكال التغيير الذي يشعر الإنسان بأنه في حاجة ماسة وجوهرية إليه، وإذا ما شعر الإنسان بكرامته؛ فهو بالتأكيد سيطالب بحقوقه المُهدرة، وهو أول الطريق نحو التغيير، لا سيما أن تار دائما ما يؤكد على أنه قد صنع أفلامه من أجل التعبير عن كرامة الإنسان، وهو ما يُدلي به بصراحة واضحة حينما تتوجه إليه المُذيعة الفرنسية Laure Adler لور أدلر بقولها: "تبدو سينماك بمثابة مسعى أوليّ وجودي، لا يوجد سيناريو، لكنها تتحدث إلى اللاوعي، هل توافق على أن سينماك تدعونا إلى رحلة استبطان داخل أرواحنا؟ ليرد تار: دعيني أخبرك بالحقيقة، عندما أشاهد فيلما؛ أسعى إلى شيء واحد فقط: ألا أكذب. إنها القضية الرئيسية والباقي يُتبع. كل حساسيتي وأعصابي يجب أن تشعر بالناس، إذا لم أكن قادرا على الشعور بألمك، ففي هذه الحالة يكون صُنع فيلم أمرا غير وارد. إذا ما رأيت شخصا يتعرض للإهانة الآن؛ فهذا يؤلمني. هذا كل شيء. مُنذ البداية وحتى الآن أقوم دائما بنفس الفيلم، ولكن بطريقة مُختلفة قليلا كما نقول. القضية الأساسية هي كرامة الإنسان[36]"، إنه ما نُلاحظه بالفعل في كل الأفلام التي قدمها تار- الروائية الطويلة منها والقصيرة، بل والتسجيلية- فهو لم يقم بصناعة السينما إلا من أجل التعبير عن كرامة الإنسان، من أجل نقل مُعاناته، من أجل محاولة التغيير بتأمل ما يحدث للآخرين، حتى إنه رغم قراره الذي اتخذه في عام 2011م بعد انتهائه من فيلمه الروائي الأخير The Turin Horse حصان تورينو بالتوقف عن صناعة السينما، إلا أنه حينما وجد نفسه أمام مجموعة من البشر المُهانين، العاجزين عن التعبير عن كرامتهم الإنسانية؛ تراجع بشكل جزئي عن قراره بالتوقف- وإن كان قد أكد على استحالة عودته مرة أخرى إلى السينما الروائية- وقام بتقديم فيلمه الوثائقي المُهم Missing People أناس مفقودون عام 2019م، وهو الفيلم الذي يتناول السُكان المُشردين في العاصمة النمساوية Vienna فيينا، "حيث قال: ليس لدى المُشردين فرصة للتعبير عن كرامتهم[37]"، وهو الفيلم الذي كان مزيجا بين مجموعة مُختلفة من الأجناس السينمائية، والفنية- عابر للأنواع- حتى إنه يقول في حديثه عنه: "أنا لا أعرف ما هذا، لكني أعلم أن هذا بالتأكيد ليس فيلما، وليس معرضا، وليس مسرحا، وليس حفلا مُوسيقيا، وربما هو نوع من القصيدة المرئية عن الأشخاص المفقودين[38]"، أي أن تار حينما قام بصناعة فيلمه الوثائقي عن المُشردين في فيينا- وهو الفيلم الذي لم يستطع تصنيفه، كما سبق له أن قال في الاقتباس السابق- وحينما تراجع بشكل جزئي عن صناعة الأفلام- فقط من أجل التعبير عن كرامة ومُعاناة هؤلاء المُشردين- فهو يُدلل لنا على أنه يؤمن- وما زال- بمقدرة السينما على التغيير، والفعل، ولفت الانتباه، ودفع الآخرين للتأمل والتفكير، والشعور بغيرهم. إنها مقدرة السينما على ترك تأثير سحري على البشر؛ ومن ثم دفعهم للتغيير.
إن فيلم "أناس مفقودون" يختلف تماما عن كل ما قدمه بيلا تار، وهو
"رغم اختلافه جذريا، وبشكل كلي، إلا أن "أشخاص مفقودون" يظل مُتسقا
مع السعي وراء الكرامة الإنسانية، وهي سمة من سمات أعمال تار بأكملها. لكنه يتيح
أيضا منظورا جديدا للغته البصرية من خلال مواجهة جانبها الميتافيزيقي بالواقع
الفعلي، مادية الحياة. من خلال تعامله المُباشر مع الأشخاص المفقودين في فيينا،
يضحي تار- عن وعي- بنقاء الجماليات الذي يحتفل به عمله السينمائي، ويصل إلى الأساس
الأخلاقي الأساسي لعمله. ولكن هذا الاختلاف ظاهريا فقط، فكما كتب Jacques Ranciere جاك رانسيير: إن جمال الصور ليس سوى مُكافأة الإخلاص للواقع الذي
يريد المرء التعبير عنه، والوسائل التي يستخدمها في القيام بذلك. لا يتوقف بيلا
تار أبدا عن طرح فكرتين بسيطتين للغاية. إنه رجل مُهتم بإعطاء أدق تعبير مُمكن عن
الواقع الذي يعيشه الناس. فيينا هي المدينة التي تتمتع بأعلى مستويات المعيشة في
العالم، كما تم التأكيد على ذلك في عام 2018م. لكن واجهة المدينة النقية المصنوعة
من روعة Habsburg هابسبورج[39]، وتورتة Sacher ساشر[40]، وخيول Lipizzaner ليبيزانر[41] ذات اللون الأبيض الثلجي ليست سوى نصف القصة. العديد من
السُكان لا يتناسبون مع هذه الصورة، وهم مخفيون عن الأنظار بسبب الفقر، والتسلسل
الهرمي الاجتماعي. من خلال العمل مع أكثر من 200 مُشارك ينتمون إلى مُجتمع
المُشردين في فيينا، يواجه تار الجمهور معهم، ويجعلهم يرون من فقدناهم[42]". إن تخلي تار عن جمالياته السينمائية- الصورة
السينمائية/ الأسلوبية- التي تتميز بها أفلامه، وأناقته الساحرة فيما يفعله، كان
من ورائه الرغبة في صناعة فيلم يعبر عن هؤلاء المُشردين العاجزين عن التعبير عن
أنفسهم؛ مما يعني أن السينما لو كانت عاجزة- أو غير قادرة- عن التغيير، أو خلق
حيوات جديدة نتيجة التأثر بها في جوهر الأمر، لما قام تار بالتراجع الجزئي في
قراره عن صناعة الأفلام، ولما تخلى عن جمالياته السينمائية التي يتميز بها- فقط من
أجل التعبير عن هؤلاء البشر، ومحاولة التغيير من وضعهم البائس في مُجتمع يرفل في
الثراء مثل المُجتمع النمساوي!
نحن هنا لا يمكن لنا الادعاء بأن تار قد استسلم تماما لليأس من العالم
القاسي على البشر، المُكفهر، الخالي من الإله- الذي يبدو أنه قد تناسى البشر وأعرض
عنهم بعدما ارتكب جريمة إيجادهم- فتار يتميز بالكثير من الأمل، والدعابة أيضا،
"في Wroclaw فروتسواف، روى تار قصة عن نفسه تقول كل ما
نحتاج لمعرفته حول دوافعه: رجل يستيقظ في الرابعة صباحا، يرتدي ملابسه، ويخرج في
الظلام إلى موقع التصوير في السادسة صباحا. الجو مُظلم، بارد جدا، والرياح تهب.
إنها تمطر، ويظهر مُمثل، تبدو عليه مُخلفات الكحول أيضا، ومعه ألف مُشكلة. تأتي
مُمثلة، وكان طفلها يبكي طوال الليل. يظهر مُدير الإنتاج، ويقول ما قيل في معهد
الأرصاد الجوية من توقعات الطقس. ورجل يقف هناك، ينتظر أن يرتفع الضوء قليلا حتى
يمكن الضغط على زر واحد، حتى يمكن تسجيل المشهد. وإذا لم أصدق أنكم جميعا سترون
ذلك، فلماذا سأفعل كل هذا؟ أنا لست مازوخيا. لقد فعلت كل شيء من أجلك. ليس هناك
دليل أكبر على التفاؤل[43]". لعل في هذه القصة التي يرويها تار عن نفسه،
وكيفية صيرورة العمل أثناء تصوير فيلم ما، ما يؤكد لنا على تحليه بالكثير من
الأمل، وأنه لا يمكن له أن يخضع لليأس أو يستسلم، لكن الكثير من الظروف التي يعاني
منها المجر، والأكثر من السلبيات التي يراها من حوله في العالم، ربما تكون قد
دفعته إلى هذه النبرة الحزينة اليائسة، لكنها ليست مُستسلمة، لا سيما أنه ما زال
يُقاتل، ويقاوم بالسينما حتى اليوم من خلال أشكال أخرى- معارض استعادية، وتعليم
صناعة السينما للآخرين، والقليل من الأفلام التسجيلية[44].
إن السبب الأساس الذي دفع بيلا تار إلى صناعة السينما، والتمسك بصناعتها-
حتى بعدما توقف عن تقديم الأفلام الروائية الطويلة بعد "حصان تورينو" في
2011م- أنه رغب في التعبير عن الإنسان، وآلامه، ومُعاناته، وكرامته الإنسانية
بصدق، وبما أنه لم يجد هذا الصدق فيما شاهده من أفلام؛ فلقد رغب في أن يعبر عن
الآخرين تعبيرا حقيقيا، وهو ما يؤكد عليه تار في مُقابلته مع R. Emmet Sweeney آر إيميت سويني عند توجيه السؤال التالي إليه: "ما الذي جعلك
مُهتما بصناعة الأفلام؟ ليرد تار: لقد أحببت السينما دائما، وأحببت الذهاب
لمُشاهدة الأفلام. لكن ما رأيته كان مُجرد أكاذيب غبية وقصص مُزيفة. لم أر الحياة
قط، ولم أر شيئا عن الأشخاص الذين أعرفهم. لم أر قط شغفا حقيقيا، ولم أر قط مشاعر
حقيقية، أو عملا مصورا حقيقيا. لم أشاهد فيلما حقيقيا أبدا. فكرت، إذا لم يتمكنوا
من عرضي؛ فيجب أن أقوم بفيلمي[45]". أي أن تار- المهموم بصناعة السينما- كان صادقا
في رغبته بالتعبير عن الآخرين من حوله، وما يعانون منه؛ ومن ثم صنع هذه الأفلام
التي رأيناها، والتي لم يكن يعنيها في جوهر الأمر سوى الإنسان، وكرامته، وخلاصه من
الشرور من حوله، فتار هو الباحث عن الحقيقة في كل ما يقوم به من أفلام، ومن ثم فهي
التي تحركه، حتى إنه اضطر في بداية حياته إلى أن يكون عاملا في مصنع لمُجرد أنه
أراد أن يعرف كيف كانت الحياة الحقيقية- حسبما قال.هرانيتسكي
البحث عن الحقيقة، والتعبير عن البائسين، والمُنهزمين، وإبراز الكرامة
الإنسانية هم الهدف الأول لتار، فهو يشعر بهؤلاء البشر، راغب في التعبير عن
أزماتهم، يتعاطف معهم، يقترب بكاميرته منهم إلى أقصى درجة مُمكنة؛ كي يراهم
العالم، ويتفاعل معهم، ويشعر بما يشعرون به. يُظهر لنا تفاصيلهم لأقصى درجة
مُمكنة. إنه التماهي الكامل مع هؤلاء الذين يرغب في الحديث عنهم، الشعور بأنه واحد
منهم، التعامل معهم بروح الأبوة، والشفقة، والرحمة، والحب. إن تعبير تار عن
الهامشيين، والمحتاجين، والمُتأزمين، والراغبين في التحرر مما يحيطهم من ضغوط،
والشعور بكرامتهم بات هو جوهر السينما لديه، أعرض عن كل ما في الحياة إلاهم،
وكأنما العالم خالٍ تماما إلا منهم فقط؛ لذا تعرض للكثير من الانتقادات بسبب هذه
الرغبة الجامحة في التعبير عنهم وإلقاء المزيد من الضوء على ما يعانون منه،
"تعرض تار وHranitzky هرانيتسكي[46] لانتقادات بسبب إنتاجهما لأفلام عن شخصيات هامشية في
التيار الاجتماعي السائد: قلنا، بالنسبة لنا، الأغنياء هامشيون. لقد صمدا في وجه
ما يسميه تار نظام الرقابة الناعمة في المجر، لكن، عندما أدارا ستديو في أوائل
الثمانينيات مع صانعي أفلام تجريبية آخرين، أغلقته الحكومة. أخبرتهما هيئات
السينما الرسمية أنه ليس لديهما مُستقبل للعمل في المجر، وذهب الثنائي لفترة وجيزة
إلى المنفى في برلين[47]". أي أن التعبير عن الهامشيين قد زاد من غضب
السُلطات السياسية في المجر، لا سيما أن الحديث عنهم من شأنه أن يكشف الوجه القبيح
للسُلطة السياسية، وما أدت إليه السياسة التي تنتهجها على المواطنين- وهو الهدف
الأساسي لتار في صناعته للسينما، الصدق، والفضح من خلال التصدي للسُلطات المُعادية
للمواطنين بكشف زيفها، وما تقوم به من فساد، وظلم.
محمود الغيطاني
[1] الفيلم الأطول للمُخرج، حيث وصلت مُدة عرضه على
الشاشة 439 دقيقة، أي سبع ساعات و19 دقيقة.
[2] Pécs بيكس، هي
خامس أكبر مدينة في المجر على سفوح جبال Mecsek ميكسيك. تقع في جنوب غرب المجر، بالقرب من حدودها مع Croatia كرواتيا، وهي المركز الإداري والاقتصادي
لمُقاطعة Baranya بارانيا، ومقر أبرشية
الروم الكاثوليك في Pécs بيكس. يعود تاريخ المدينة إلى
العصور القديمة، وقد استوطنها Celts and the Romans
السلتيون والرومان، كما أصبحت كرسيا أسقفيا في المجر في أوائل العصور الوسطى،
ولديها أقدم جامعة في البلاد، وهي واحدة من مراكزها الثقافية الرئيسية. تتمتع
بتراث ثقافي غني يعود إلى عصر الاحتلال العثماني الذي دام 150 عاما. إنها تاريخيا
مدينة مُتعددة الأعراق، حيث تفاعلت العديد من الثقافات خلال 2000 عام من التاريخ.
في الآونة الأخيرة، تم الاعتراف بها لتراثها الثقافي، بما في ذلك تسميتها كواحدة
من مُدن عاصمة الثقافة الأوروبية. تم إدراج المقبرة المسيحية التي تعود إلى العصر
الروماني في Pécs بيكس كموقع للتراث العالمي في عام
2000م.
[3] Count Lev Nikolayevich Tolstoy الكونت ليف نيكولايفيتش تولستوي،
وُلد في 9 سبتمبر 1828م، وتوفي في 20 نوفمبر 1910م. ويُشار
إليه عادة باللغة الإنجليزية باسم Leo Tolstoy ليو تولستوي. كان كاتبا روسيا،
ويُعتبر واحدا من أعظم المُؤلفين في كل العصور، حصل على ترشيحات لجائزة نوبل في
الآداب كل عام، من عام 1902م حتى عام 1906م، كذلك ترشيحات لجائزة نوبل للسلام في
أعوام 1901م، و1902م، و1909م.و قد وُلد لعائلة روسية أرستقراطية، ومن ضمن أعماله War and Peace الحرب والسلام 1869م، وAnna Karenina آنا كارنينا 1878م، وغالبا ما
يُستشهد بها على أنها ذروة الخيال الواقعي.
[4] The Death of Ivan Ilyich وفاة إيفان إيليتش، نُشرت لأول مرة في عام 1886م، وهي رواية قصيرة
كتبها ليو تولستوي، وتُعتبر واحدة من روائع رواياته المُتأخرة.
[5] Imre Mihályfi إيمري ميهاليفي، من
مواليد 7 يناير 1930م. وهو مُخرج أفلام مجري حائز على جائزة Béla
Balázs بيلا بالاز،
وعضو دائم في التليفزيون المجري.
[6] Season of Monsters موسم الوحوش هو فيلم درامي مجري لعام 1987م، وقد دخل الفيلم في
المُنافسة الرئيسية في الدورة الرابعة والأربعين لمهرجان Venice Film Festival البندقية السينمائي، وحصل على
جائزة شرف من لجنة التحكيم؛ للتماسك الذي يواصل به، ويُجدد بحثه التعبيري في فترة
التطور السريع للغة الفيلم الذي يدور في منزل ريفي، حيث يحتفل مُدرس مُتقاعد بعيد
ميلاده، ويناقش الأساتذة والطلاب في الوجودية والفلسفة.
[7] Miklós Jancsó ميكلوس يانسكو، وُلد في 27 سبتمبر 1921م، وتوفي في 31 يناير 2014م، كان مُخرج أفلام وكاتب سيناريو مجري. تتميز
أفلام يانسكو بالأسلوب البصري، واللقطات المُصممة بأناقة، واللقطات الطويلة،
والفترات التاريخية، والأماكن الريفية، والافتقار إلى التحليل النفسي. من المواضيع
المُتكررة في أفلامه إساءة استخدام السُلطة. غالبا ما تكون أعماله عبارة عن
تعليقات مجازية على المجر في ظل الشيوعية والاحتلال السوفييتي، رغم أن بعض النقاد
يفضلون التأكيد على الأبعاد العالمية لاستكشافات يانسكو. في نهاية الستينيات، وخاصة
في السبعينيات، أصبحت أعمال يانسكو مُنمقة ورمزية بشكل مُتزايد.
[8] Gábor Bódy غابور بودي من مواليد 30 أغسطس 1946م، وتوفي في 24 أكتوبر 1985م، كان مُخرج
أفلام مجري، وكاتب سيناريو، ومُنظرا، ومُمثلا. يُعتبر بودي رائدا في صناعة الأفلام
التجريبية، ولغة الأفلام، وهو أحد أهم الشخصيات في السينما المجرية. وُلد بودي في Budapest بودابست، في عائلة
حضرية من الطبقة المتوسطة، ودرس التاريخ والفلسفة في جامعة Loránd Eötvös University لوراند إيوتفوس، ثم درس صناعة الأفلام في Academy for Theater
and Film Arts أكاديمية فنون المسرح والسينما. خلال أيام دراسته
الجامعية أصبح عضوا مُؤثرا في ستوديو (BBS)
Béla Balázs Stúdióبيلا بالاز. أخرج فيلمه الأول A Harmadik
الثالث- فيلم وثائقي عن الطلاب الذين يعدون
نسخة مُقتبسة من فاوست على المسرح- في عام 1971م. أسس العديد من المشاريع التجريبية والطليعية في BBS بما في ذلك سلسلة لغة
الأفلام في عام 1973م، والفيلم التجريبي K/3 المجموعة في عام 1976م، حيث أعاد تشكيل مسار الفيلم الطليعي المجري بعد الحرب.
في عام 1975م أكمل فيلمه الطويل الأول في BBS، والذي كان أيضا فيلم
أطروحة تخرجه في الجامعة. فاز فيلمAnzix Amerikai أو American Torso
الجذع الأمريكي 1975م بالجائزة الكبرى لأفضل مُخرج جديد في مهرجان International Film
festival Mannheim- Heidelberg مانهايم- هايدلبرج
السينمائي الدولي، وجائزة Hungarian Film Critics نقاد السينما المجرية لأفضل فيلم أول.
[9] هو فيلم درامي مجري أبيض وأسود، 73 دقيقة، من
إنتاج عام 1965م.
[10] The Dog’s Night Song هو فيلم يحكي أجزاء من
حياة ستة أشخاص، تُمثل نماذج اجتماعية مُختلفة- سياسي سابق من العصر الاشتراكي،
وكاهن كاذب، وAttila أتيلا مُغني مجموعة الروك
التجريبية وعالم الفلك، والصبي الصغير المُنفتح على كل شيء، والضابط الجندي،
والزوجة الجميلة والغريزية.
[11] للمزيد انظر ما كتبه Jeremy Garr جيريمي جار في مجلة "حواس السينما" بعنوان: Béla Tarr بيلا تار/ sensesofcinema.com/ Issue: 83 العدد 83/ بتاريخ يونيو 2017م.
[12] للمزيد انظر ما كتبه Michael Guarneri مايكل جوانيريري بعنوان: Fade to Black: Béla Tarr, the Anti- Mystic التلاشي إلى السواد: بيلا تار
المُضاد للتصوف/ mubi.com/ بتاريخ 10 مارس 2016م.
[13] Vanity Fair فانيتي فير، هي مجلة أمريكية شهرية للثقافة الشعبية،
والأزياء، والشؤون الجارية، تنشرها Condé Nast كوندي ناست في الولايات المُتحدة، وقد نُشرت النسخة الأولى من
المجلة من عام 1913م حتى عام 1936م، وقد تم إحياء البصمة مرة أخرى في عام 1983م
بعدما استحوذت شركة Condé Nast كوندي ناست على شركة المجلة. تضم مجلة فانيتي فير حاليا خمس طبعات
دولية للمجلة. الإصدارات الدولية الخمسة للمجلة هي United Kingdom المملكة المُتحدة مُنذ 1991م، وItaly إيطاليا مُنذ 2003م، وSpain إسبانيا مُنذ 2008م، وFrance فرنسا مُنذ 2013م، وMexico المكسيك مُنذ 2015م. تشتهر مجلة فانيتي فير بصور المشاهير، والجدل
العرضي الذي يحيط بصورها.
[14] للمزيد انظر المقال الذي كتبه Carlos Aguilar كارلوس أجيلار في جريدة لوس
أنجلوس تايمز بعنوان Béla Tarr in Hollywood: A film world “enfant
terrible” charms L.A. by being himself بيلا تار في هوليوود: عالم سينما "الطفل الرهيب" يسحر
لوس أنجلوس بكونه على طبيعته. latimes.com/
بتاريخ 16 يونيو 2023م.
[15] Senses of Cinema حواس السينما، هي مجلة أفلام ربع سنوية على الإنترنت،
تأسست عام 1999م على يد المُخرج Bill Mousoulis بيل موسوليس. مقرها Melbourne, Australia ملبورن، استراليا. تنشر "حواس السينما" أعمال نقاد
السينما من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المقالات النقدية، ولمحات عامة عن أعمال
المُخرجين، وتغطية العديد من المهرجانات الدولية.
[16] للمزيد انظر ما كتبه Jeremy Garr جيريمي جار في مجلة "حواس السينما" بعنوان: Béla Tarr بيلا تار/ sensesofcinema.com/ Issue: 83 العدد 83/ بتاريخ يونيو 2017م.
[17] للمزيد انظر ما كتبه الصحفي Ben Croll بن كرول بعنوان: Béla Tarr Speaks: The Retired
Hungarian Director Explains Why He Shut Down His Film School Project بيلا تار يتحدث: المُخرج المجري
المُتقاعد يشرح سبب إغلاق مشروع مدرسة السينما الخاصة به/ indiewire.com/ بتاريخ 23 ديسمبر 2016م.
[18] للمزيد انظر حوار بيلا تار مع Patrick Frater باتريك فرتر في مجلة
"فارايتي" بعنوان: Busan: Hungarian Helmer Béla Tarr Longed To Be a
Philosopher بوسان: كان المُخرج
الأسطورة المجري بيلا تار يتوق إلى أن يصبح فيلسوفا/ variety.com/ 4 أكتوبر 2014م.
[19] نقصد بالواقعة هنا صناعة فيلمه الأول vendémunkások العمال الضيوف 1971م الذي أدى إلى غضب النظام السياسي منه، ومن ثم
كان بمثابة محورٍ وسببٍ رئيسي لتغيير حياته تماما باتجاه السينما.
[20] للمزيد انظر الحوار الذي أجرته معه الصحفية Mona Sheded منى شديد في جريدة "الأهرام
الإنجليزية" بعنوان: I am interested to get to know Egyptian people: iconic Hungarian
director Béla
Tarr
at CIFF أنا مُهتم بالتعرف على الشعب
المصري: المُخرج المجري الشهير بيلا تار في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي/ english.ahram.org.eg/ بتاريخ 16 نوفمبر 2022م.
[21] Matvey Ivanovich Skobelev ماتفي إيفانوفيتش سكوبيليف، وُلد في Baku باكو في 9 نوفمبر 1885م، وتوفي في Moscow موسكو في 29 يوليو 1938م. كان ثوريا، وسياسيا، وماركسيا روسيا.
وُلد سكوبيليف في عائلة رجل نفط ثري من باكو، ورجل صناعة من Molokan مولوكان. انضم إلى حزب العمل الاشتراكي الديمقراطي الروسي عام
1903م. بعد الثورة الروسية عام 1905م ذهب إلى الخارج للدراسة في كلية الفنون
التطبيقية في Vienna فيينا. أثناء وجوده في فيينا أصبح
صديقا ومُؤيدا لليون تروتسكي Leon Trotsky
الذي ساعد في تحرير صحيفته نصف الأسبوعية Pravda برافدا في 1908م حتى 1912م، كما ساعد سكوبيليف، ومُحرر آخر Adolph Joffe أدولف جوفي- وكلاهما سليل عائلات
ثرية- تروتسكي في تمويل الصحيفة.
[22] Alexander Fyodorovich Kerensky ألكسندر فيودوروفيتش كيرينسكي،
وُلد في 4 مايو 1881م، وتوفي في 11 يونيو 1970م، كان مُحاميا، وثوريا روسيا، قاد
الحكومة الروسية المُؤقتة، والجمهورية الروسية قصيرة العمر لمُدة ثلاثة أشهر من
أواخر يوليو إلى نوفمبر 1917م. بعد ثورة فبراير 1917م، انضم إلى الحكومة المُؤقتة
التي تم تشكيلها حديثا، في البداية كوزير للعدل، ثم كوزير للحرب، وبعد يوليو كثاني
وزير ورئيس للحكومة. وكان زعيم فصيل Trudovik الترودوفيك الديمقراطي الاجتماعي في الحزب الثوري الاشتراكي. كان
كيرينسكي أيضا نائبا لرئيس Petrograd Soviet
سوفييت بتروجراد، وهو المنصب الذي كان يتمتع بقدر كبير من السُلطة. أصبح كيرينسكي
رئيسا لوزراء الحكومة المُؤقتة، واستهلكت الحرب العالمية الأولى فترة ولايته، ورغم
المُعارضة الجماهيرية للحرب، اختار كيرينسكي مواصلة مُشاركة روسيا، حيث قامت
حكومته بقمع المشاعر المُناهضة للحرب والمُعارضة في 1917م؛ مما جعل إدارته أقل
شعبية. بقي كيرينسكي في السُلطة حتى ثورة أكتوبر، وشهدت هذه الثورة قيام البلاشفة
بتشكيل حكومة لينينية بقيادة Vladimir Lenin
فلاديمير لينين لتحل محل حكومته. فر كيرينسكي من روسيا وعاش بقية حياته في المنفى،
وعمل على تقسيم وقته بين Paris باريس، وNew York City مدينة نيويورك. كما عمل كيرينسكي
في معهد Hoover هوفر في جامعة Stanford University ستانفورد.
[23] للمزيد انظر المقال المكتوب عن تاريخ السينما
الروسية بعنوان: The
Soviet Union الاتحاد السوفييتي/ britannica.com/ من دون تاريخ، ولم يُذكر اسم
الكاتب.
[24] Vladimir Ilyich Ulyanov فلاديمير إيليتش أوليانوف، وُلد في 22 إبريل 1870م، وتوفي في 21
إبريل 1924م. عُرف باسم فلاديمير لينين، وكان ثوريا، وسياسيا، ومُنظرا روسيا. شغل
منصب الرئيس الأول، والمُؤسس لحكومة روسيا السوفيتية من عام 1917م حتى 1924م. تحت
إدارته أصبحت روسيا، ثم الاتحاد السوفييتي لاحقا، دولة اشتراكية ذات حزب واحد
يحكمها الشيوعيون. من الناحية الأيديولوجية هو ماركسي وتُسمى تطوراته في
الأيديولوجية باللينينية. وُلد لينين لعائلة من الطبقة المتوسطة العليا في Simbirsk سيمبيرسك، واعتنق السياسة
الاشتراكية الثورية بعد إعدام أخيه عام 1887م. تم طرده من جامعة Kazan كازان الامبراطورية لمُشاركته في الاحتجاجات ضد الحكومة القيصرية
للامبراطورية الروسية، وكرس السنوات التالية للحصول على شهادة في القانون. انتقل
لينين إلى Saint
Petersburg سانت بطرسبورج عام 1893م، وأصبح
من كبار الناشطين الماركسيين. في عام 1897م ألقي القبض عليه بتُهمة التحريض على
الفتنة، ونُفي إلى Shushenskoye
شوشينسكوي في Siberia سيبيريا لمُدة ثلاث سنوات، حيث
تزوج Nadezhda
Krupskaya ناديجدا كروبسكايا. بعد نفيه
انتقل إلى أوروبا الغربية حيث أصبح مُنظرا بارزا في حزب العمل الاشتراكي
الديمقراطي الروسي الماركسي RSDLP. في عام 1903م لعب
دورا رئيسيا في الانقسام الأيديولوجي لحزب RSDLP؛ حيث قاد الفصيل البلشفي ضد المناشفة بقيادة Julius Martov يوليوس مارتوف. في أعقاب ثورة
روسيا الفاشلة عام 1905م، قام بحملة من أجل تحويل الحرب العالمية الأولى إلى ثورة
بروليتارية تشمل أوروبا بأكملها، والتي كان يعتقد بصفته ماركسيا، أنها ستؤدي إلى
الإطاحة بالرأسمالية وصعود الاشتراكية. بعد أن أطاحت ثورة فبراير 1917م بالقيصر،
وأنشأت حكومة مُؤقتة؛ عاد إلى روسيا، ولعب دورا قياديا في ثورة أكتوبر التي أطاح
فيها البلاشفة بالنظام الجديد.
[25] Nadezhda Konstantinovna Krupskaya ناديجدا كونستانتينوفنا
كروبسكايا، وُلدت في 26 فبراير 1869م، وتوفيت في 27 فبراير 1939م. كانت ثورية
روسية، وزوجة فلاديمير لينين. وُلدت في Saint Petersburg سانت بطرسبورج لعائلة أرستقراطية انحدرت إلى الفقر، وطورت آراء
قوية حول تحسين حياة الفقراء. اعتنقت الماركسية، والتقت بلينين في مجموعة مُناقشة
ماركسية في عام 1894م. تم القبض على كليهما في عام 1896م بسبب أنشطتهما الثورية،
وبعد نفي لينين إلى سيبيريا، سُمح لكروبسكايا بالانضمام إليه في عام 1898م بشرط أن
يتزوجا. استقر الاثنان في Munich ميونيخ، ثم في London لندن بعد نفيهما، قبل أن يعودا لفترة وجيزة إلى روسيا للمُشاركة
في ثورة 1905م. بعد ثورة 1917م كانت كروبسكايا في طليعة المشهد السياسي، وأصبحت
عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في عام 1924م. وكانت نائبة مفوض التعليم من
عام 1929م حتى 1939م، وكان لها تأثير قوي على النظام التعليمي السوفيتي، بما في
ذلك تطوير التعليم السوفيتي. توفيت كروبسكايا في Moscow موسكو عام 1939م، بعد يوم واحد من عيد ميلادها السبعين، وقد أدت
ظروف وفاتها، والتوترات الشخصية مع Joseph Stalin جوزيف ستالين إلى عدة ادعاءات، بعضها مُستمدة من الدائرة الداخلية
لستالين، بأنها تعرضت للتسمم.
[26] للمزيد انظر المقال المكتوب عن تاريخ السينما
الروسية بعنوان: The
Soviet Union الاتحاد السوفييتي/ Britannica.com/ من دون تاريخ، ولم يُذكر اسم
الكاتب.
[27] معهد جيراسيموف للتصوير السينمائي. رسميا جامعة S. A. Gerasimov All- Russian
University of Cinematography
إس إيه جيراسيموف عموم روسيا للتصوير السينمائي، وهو بالروسية يعني معهد عموم
روسيا للتصوير السينمائي الذي سُمي على اسم S. A. Gerasimov، المعروف أيضا باسم VGIK، وهي مدرسة للسينما في موسكو، وقد تأسس المعهد عام 1919م على يد
المُخرج السينمائي Vladimir Gardin
فلاديمير جاردين باسم مدرسة موسكو للسينما، وهي أول وأقدم مدرسة للسينما في
العالم. من عام 1934م إلى 1991م عُرفت مدرسة السينما باسم معهد عموم الاتحاد
الحكومي للتصوير السينمائي، ومن بين مُخرجي الأفلام الذين يدرسون في المعهد Lev Kuleshov ليف كوليشوف، وMarlen Khutsiev مارلين خوتسييف، وAleksey Batalov أليكسي باتالوف، وSergei Eisenstein سيرجي أيزنشتاين، وMikhail Romm ميخائيل روم، وVsevolod Pudovkin فسيفولود بودوفكين. مُنذ عام
1986م تم تسمية المدرسة على اسم المُخرج والمُمثل السينمائي Sergei Gerasimov سيرجي جيراسيموف. وقد تمت
الموافقة على بناء المعهد من قبل لينين عام 1919م، وقد تعرقل عمله في السنوات
الأولى بسبب نقص مخزون الأفلام. لها تاريخ باعتبارها واحدة من أقدم مدارس السينما
الموجودة. قام العديد من المُخرجين بالتدريس في المعهد. خلال فترة الاتحاد
السوفييتي كان من مُتطلبات الدولة حضور VGIK حتى يُسمح لها بإخراج فيلم. في الآونة الأخيرة تم اختيار خريجيها
من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية (الاتحاد السوفيتي) ومن بلدان اشتراكية
ودول أخرى، رغم أنه كان من الضروري أن يتعلم الطلاب اللغة الروسية أولا قبل
الحضور. وهي من بين مدارس السينما القليلة التي تُقدم دورات في كتابة السيناريو.
[28] للمزيد انظر المقال المكتوب عن تاريخ السينما
الروسية بعنوان: The
Soviet Union الاتحاد السوفييتي/ Britannica.com/ من دون تاريخ، ولم يُذكر اسم
الكاتب.
[29] اللواء محمد بك نجيب يوسف قطب القشلان، من
مواليد 19 فبراير 1901م، وتوفي في 28 أغسطس 1984م. سياسي وعسكري مصري، وأول رئيس
لجمهورية مصر العربية بعد إنهاء الملكية وإعلان الجمهورية في 18 يونيو 1953م، كما
يُعد قائد "ثورة" 23 يوليو 1952م التي انتهت بعزل الملك فاروق، ورحيله
عن مصر. تولى منصب رئيس الوزراء في مصر خلال الفترة من 8 مارس 1954م حتى 18 إبريل
1954م، وتولى أيضا منصب القائد العام للقوات المُسلحة المصرية، ثم وزير الحربية
عام 1952م.
[30] انظر كتاب "السياسة والسينما في مصر" للدكتور
درية شرف الدين/ الكتاب ص 13/ الطبعة الأولى/ دار الشروق/ 1992م، وانظر أيضا مقال
"السينما المصرية وثورة يوليو: السنوات الأولى والوسطى 1952- 1961"
للكاتب الفاروق عبد العزيز/ مجلة الطليعة/ نوفمبر 1975م/ القاهرة.
[31] انظر
البحث الذي قدمه الدكتور محمد كامل القليوبي بعنوان "السينما المصرية وثورة
يوليو: صراع الاحتواء بين السينما والثورة"، وهو البحث الوارد في كتاب
"السينما المصرية: الثورة والقطاع العام 1952- 1971م"/ مجموعة أبحاث/
الكتاب إشراف وتحرير هاشم النحاس/ انظر الكتاب ص 19- 20/ المجلس الأعلى للثقافة/
2010م.
[32] للمزيد انظر كتاب الناقد محمود الغيطاني
"صناعة الصخب: ستون عاما من تاريخ السينما المصرية 1959- 2019م"/ الجزء
الأول/ انظر الكتاب ص 28- 30/ فضاءات للنشر والتوزيع/ الأردن/ الطبعة الأولى/
2021م.
[33] New Horizons International Film Festival مهرجان نيو هورايزنز السينمائي الدولي، هو
مهرجان سينمائي دولي يُقام سنويا في شهر يوليو في Wroclaw فروتسواف، Poland بولندا. تم تنظيم
المهرجان مُنذ عام 2001م، وهو أحد أكبر المهرجانات السينمائية، وأكثرها شعبية في
بولندا. مُنذ عام 2008م تم اعتماد المهرجان من قبل FIAPF مع وضع تنافسي مُتخصص "طليعي". يتم تنظيم المهرجان من
قبل Stowarzyszenie
Nowe Horyzonty جمعية نيو هورايزنز.
مُؤسس المهرجان، وروحه المُؤثرة هو Roman Gutek رومان جوتيك.
[34] Wroclaw فروتسواف، هي مدينة في جنوب غرب بولندا، وأكبر مدينة في منطقة Silesia سيليزيا التاريخية. تقع على ضفاف نهر Oder أودر في الأراضي المُنخفضة في أوروبا الوسطى على بُعد حوالي 40
كيلو مترا من جبال Sudeten السوديت إلى الجنوب.
[35] للمزيد انظر المقال الذي كتبته Carmen Gray كارمن جراي بعنوان: Béla Tarr: What can a new scene
add to the legacy of a great Director? بيلا تار: ما الذي يمكن أن يضيفه مشهد جديد إلى إرث مُخرج عظيم؟/ new-east-archive.org/ بتاريخ 16 فبراير 2017م.
[36] للمزيد انظر نص المُقابلة الإذاعية التي ترجمها
ونشرها Hurry
Tuttle هاري تاتل بعنوان: Béla Tarr 2008 interview on
French radio مُقابلة بيلا تار عام
2008م على الإذاعة الفرنسية/ unspokencinema.blogspot.com/
بتاريخ 16 يناير 2009م. وهي ترجمة للمُقابلة الإذاعية التي أجراها تار بتاريخ 24
سبتمبر 2008م Radio
interview by Laure Adler on French Culture مُقابلة إذاعية أجرتها لور
أدلر على قناة فرنسا الثقافية.
[37] للمزيد انظر المقال الذي كتبه Carlos Aguilar كارلوس أجيلار في جريدة لوس
أنجلوس تايمز بعنوان Béla Tarr in Hollywood: A film world “enfant
terrible” charms L.A. by being himself بيلا تار في هوليوود: عالم سينما "الطفل الرهيب" يسحر
لوس أنجلوس بكونه على طبيعته. Latimes.com/
بتاريخ 16 يونيو 2023م.
[38] للمزيد انظر المقال المكتوب بعنوان: Béla Tarr: Missing People بيلا تار: أناس مفقودون/ e-flux.com/ بتاريخ 29 مايو 2019م/ لم يتم
ذكر اسم المُؤلف.
[39] احتلت عائلة Habsburg هابسبورج عرش الامبراطورية الرومانية المُقدسة بشكل مُستمر مُنذ
عام 1440م حتى انقراضهم في خط الذكور في عام 1740م، وعائلة Habsburg- Lorraines هابسبورج- اللورين من عام 1765م
حتى حلها في عام 1806م. كما أنتج المنزل ملوك Bohemia بوهيميا، وHungary المجر، وCroatia كرواتيا، وSlavonia سلافونيا، وDalmatia دالماتيا، وSpain إسبانيا، وPortugal البرتغال، وLombardy- Venetia لومبارديا- فينيتيا، وGalicia- Lodomeria جاليسيا- لودوميريا، مع
مُستعمراتها الخاصة، وحُكام عدة إمارات في البلدان المُنخفضة وItaly إيطاليا، والعديد من الأمراء الأساقفة في الامبراطورية الرومانية
المُقدسة، وفي القرن التاسع عشر، أباطرة النمسا، والامبراطورية النمساوية المجرية،
بالإضافة إلى امبراطور واحد للمكسيك Mexico. انقسمت العائلة عدة مرات إلى فروع متوازية، وكان ذلك في مُنتصف
القرن السادس عشر بين فرعيها الإسباني والنمساوي بعد تنازل الامبراطور Charles V تشارلز الخامس عن العرش في عام
1556م. ورغم أنهم قد حكموا مناطق مُختلفة إلا أن الفروع المُختلفة حافظت على
علاقات وثيقة، وتزاوجت في الكثير من الأحيان. يشرف أفراد عائلة هابسبورج على الفرع
النمساوي لوسام الصوف الذهبي، ووسام القديس جورج الامبراطوري والملكي. رب الأسرة
الحالي هو Karl
von Habsburg كارل فون هابسبورج.
[40] Sachertorte تورتة ساشر، هي كعكة الشيكولاتة،
أو تورتة من أصل نمساوي، اخترعها Franz Sacher فرانز ساشر، من المُفترض أنه في عام 1832م للأمير Metternich مترنيخ في Vienna فيينا، وهو من أشهر أطباق الطهي في فيينا.
[41] The Lipizzan or Lipizzaner ليبيزان أو ليبيزانر، هي سلالة أوروبية من خيول الركوب، تم
تطويرها في امبراطورية Habsburg هابسبورج في القرن
السادس عشر. إنه من النوع الباروكي، وهو قوي، وبطيء النضج، وطويل العمر، وعادة ما
يكون المعطف رماديا، واسم السلالة مُشتق من قرية Lipica ليبيكا التي كانت جزءا من امبراطورية هابسبورج في وقت تطوير
السلالة، وهي الآن في Slovenia سلوفينيا، واحدة من
أقدم مزارع تربية الخيول. لقد تعرضت السلالة للانقراض عدة مرات بسبب الحروب التي
تجتاح أوروبا، بما في ذلك خلال حرب التحالف الأول، والحرب العالمية الأولى، والحرب
العالمية الثانية.
[42] للمزيد انظر المقال المكتوب بعنوان: Béla Tarr: Missing People بيلا تار: أناس مفقودون/ e-flux.com/ بتاريخ 29 مايو 2019م/ لم يتم
ذكر اسم المُؤلف.
[43] للمزيد انظر المقال الذي كتبته Carmen Gray كارمن جراي بعنوان: Béla Tarr: What can a new scene
add to the legacy of a great Director? بيلا تار: ما الذي يمكن أن يضيفه مشهد جديد إلى إرث مُخرج عظيم؟/ new-east-archive.org/ بتاريخ 16 فبراير 2017م.
[44] لم يصنع تار أفلاما بعد قرار توقفه عن صناعة
السينما سوى فيلمين تسجيليين اثنين، أحدهما وثائقي قصير بعنوان Muhamed محمد 2017م، وقد كانت مُدة الفيلم 10 دقائق عن طفل بوسني يقوم
بالعزف على الأوكورديون في أحد المولات الضخمة، وربما كان السبب الأساس لصناعة هذا
الفيلم من قبل تار هو غضبه الشديد من طريقة مُعاملة اللاجئين في أوروبا، ورغبته في
التعبير عنهم. ثم فيلمه التسجيلي الطويل Missing People أناس مفقودون في 2019م، وقد كانت مُدة الفيلم ساعة و35 دقيقة، من
أجل التعبير عن الهوة الاجتماعية الضخمة والمُخيفة في المُجتمع النمساوي، ومحاولة
التعبير عن المُشردين في شوارع فيينا، أي أنه ما زال مقاوما ومُعاديا للطبقية،
والرأسمالية المتوحشة التي لا يعنيها البشر ومُعاناتهم.
[45] للمزيد انظر مُقابلة المُخرج مع R. Emmet Sweeney آر إيميت سويني بعنوان: Interview: Béla Tarr, the Complete Works مُقابلة: بيلا تار، الأعمال
الكاملة/ filmlinc.org/ بتاريخ 2 فبراير 2012م.
[46] Ágnes Hranitzky أجنيس هرانيتسكي، من مواليد 4 يوليو 1945م، هي مُحررة، ومُخرجة
أفلام مجرية اشتهرت بتعاونها الطويل مع زوجها Béla Tarr بيلا تار، وقد بدأت هرانيتسكي العمل في السبعينيات كمُحررة أفلام.
ثم بدأت في التعاون مع المُخرج بيلا تار عام 1981م، حيث قامت بتحرير فيلمه The Outsider اللامُنتمي، ثم قامت بتحرير جميع
أفلام تار اللاحقة مُنذ ذلك الحين. في عام 2000م، مع فيلم Werckmeister Harmonies تناغمات ويركميستر، بدأ يُنسب
الفضل إلى هرانيتسكي كمُخرج مُشارك لأفلام تار. شاركت في إخراج فيلم The Man from London الرجل من لندن 2007م مرة أخرى مع
تار كمُخرج رئيسي، وتم عرض الفيلم لأول مرة في المُنافسة في مهرجان Cannes كان السينمائي 2007م، وفي عام 2011م شاركت مرة أخرى في فيلم The Turin Horse حصان تورينو، الذي عُرض لأول مرة
في عام 2011م في مهرجان Berlin International Film Festival برلين السينمائي الدولي الحادي والستين، حيث حصل على جائزة Jury Grand Prix لجنة التحكيم الكبرى.
[47] للمزيد انظر ما كتبه Jonathan Romney جوناثان رومني في صحيفة "الجارديان" بعنوان: Out of the shadows خارج الظلال/ theguardian.com/ بتاريخ 24 مارس 2001م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق