الجمعة، 28 أبريل 2017

اللغة العربية بين خياري الموت والحياة


هل من الممكن اعتبار اللغة العربية من اللغات الحية القادرة على التواصل بين أفراد المجتمع الواحد قبل التواصل مع المجتمعات الأخرى، ومن ثم تمتلك قدرتها على الطواعية والتشكل، والتجدد والتواصل مع مستجدات العصر السياسية والاجتماعية والعلمية؟ أم أنها باتت مجرد لغة ميتة، محنطة، لا مكان حقيقي لها سوى في بطون الكتب والمعاهد اللغوية كالأزهر، بمعنى أنها لغة قاربت على الاندثار لتتوالد منها لغات أخرى مختلفة مثلها في ذلك مثل اللغة اللاتينية التي اندثرت تماما وأصبحت مجرد لغة لدرس تاريخ اللغة فقط، بينما توالدت منها العديد من اللغات الجديدة الأخرى التي رأينا منها الفرنسية والإيطالية والإسبانية وغيرها من اللغات الحية الجديدة التي ابتعدت عن الأم "اللاتينية" لتنطلق وحدها وتنمو وتتجدد لتصير لغات لها سياقها الخاص المختلف تماما عن اللغة الأساس التي انبثقت منها؟
"اللغة كائن حي؛ لأنها تحيا على ألسنة المتكلمين بها، وهم من الأحياء، وهي لذلك تتطور وتتغير بفعل الزمن، كما يتطور الكائن الحي ويتغير، وهي تخضع لما يخضع له الكائن الحي في نشأته ونموه وتطوره، وهي ظاهرة اجتماعية، تحيا في أحضان المجتمع، وتستمد كيانها منه، ومن عاداته وتقاليده، وسلوك أفراده، كما أنها تتطور بتطور هذا المجتمع، فترقى برقيه، وتنحط بانحطاطه"، من خلال هذا الربط بين اللغة والمجتمع- باعتبار أن اللغة هي الأداة الأولى والأهم في التعامل بين أفراد هذا المجتمع من أجل القدرة على التواصل الاجتماعي- يحاول الباحث كمال الإخناوي من خلال كتابه المهم "ما موقع اللغة العربية من الإعراب" الإجابة على سؤال بدأ يفرض نفسه في الأوساط العلمية المهتمة باللغات الحية، وهو: هل من الممكن اعتبار اللغة العربية من اللغات الحية أم أنها باتت مجرد لغة ميتة لا يمكن التعويل عليها كأداة من أدوات التواصل الاجتماعي، ومن ثم تصبح مجرد لغة متحجرة مكانها التاريخ والبحث التاريخي فقط من دون القدرة على التواصل الحي بين المجتمعات بعضها البعض.
من أجل الإجابة على هذا التساؤل الحيوي الذي بات من الأهمية بمكان ما يجعلنا نتوقف أمامه طويلا يقول المؤلف: "إن الاتجاه الطبيعي للغة، وبخاصة في صورتها الدارجة أو المتكلمة، هو اتجاه يبعدها عن المركز، فاللغة تميل إلى التغير، سواء خلال الزمان أو عبر المكان، إلى الحد الذي  توقف تياره العوامل الجاذبة نحو المركز.. هذه الخاصية العالمية هامة لعالم اللغة التاريخي حيث أنها تشكل الأساس في كل تغيير لغوي"، بمعنى أن اللغة لا يمكن لها التوقف على شكل واحد فقط، وهو الشكل الذي نشأت عليه، بل لابد من تطور هذا الشكل وتغيره مع مرور الزمن، كما أن هذا التغيير لا يمكن له أن يتم بين ليلة وضحاها، بل هو يأخذ الكثير من الوقت في التشكل الذي قد يصل إلى قرنين من الزمان من أجل التطور والتغير، ولكن ليس معنى هذا التطور في شكل اللغة من أجل مسايرة متطلبات العصر- المتغير دائما- أن تنبت الصلة بين اللغة في شكلها الأول وبين ما وصلت إليه من شكل جديد في تطورها وتغيرها، بل تظل مرتبطة بشكلها الأول ارتباط الابن بالأم التي يأخذ منها دائما خصائصه وصفاته الوراثية وتركيبته الأولى، أي أن تطور اللغة لا يمكن أن يؤدي في النهاية إلى الانفصال التام أو القطيعة كما حدث مثلا بين اللاتينية واللغات التي انبثقت منها، ولكن هذا الاتصال بين الشكل الأول للغة والشكل الذي تطورت إليه يحتاج إلى طواعية اللغة والقائمين عليها؛ لأن الابتعاد عن الطواعية لابد سوف يؤدي بالضرورة إلى الانفصال التام وبتر الصلات مثلما حدث مع اللاتينية، وهذا ما يحذر منه الباحث في هذا الكتاب؛ لاسيما أن القائمين على اللغة العربية خصوصا من رجال الأزهر، ومجمع اللغة العربية وغيرهم من الشيوخ والغيورين عليها يرون أن اللغة العربية لا يمكن لها أن تتغير، ومن ثم يلجأون إلى شكل من التقسيم المجحف الذي يرى أن أي تطور للغة ليس إلا شكلا من أشكال الانتهاك واللهجات واللحن فيها الذي يبتعد عن اللغة العربية، ومن ثم فإن اللغة العربية لديهم هي لغة التراث، أي لغة القرآن والشعر العربي القديم، وأي شيء عدا ذلك لا يمكن لهم أن يعتدوا به وهو بمثابة لهجات محكية لا علاقة لها باللغة العربية لديهم.
لكن هذا التشدد في اعتبار أن اللغة العربية هي لغة القرآن فقط هو شكل من أشكال التحجر اللغوي الذي دفع إليه اعتبار اللغة العربية لغة توقيفية، أي لغة مقدسة ما دام القرآن قد نزل بها، وهذه النظرة في تقديس اللغة هي السبب الأول والرئيس الذي يقف حجر عثرة أمام تطورها؛ ومن ثم قد يؤدي في نهاية الأمر إلى انفصال التطور اللغوي عن اللغة الأم مكونا شكلا جديدا من اللغات وبالتالي موت اللغة العربية التي يريدها القائمون عليها باعتبارها لغة عاجزة عن التواصل وتلبية احتياجات المجتمع الذي يتطور ويطور لغته بينما أصل اللغة هنا متحجر غير قادر على التغيير أو اكتساب شيئا من اللين.
إن اللغة العربية مُعترف بها كواحدة من اللغات الرسمية في الأمم المتحدة، وبحسب واقع العربية في الأمم المتحدة وبحسب ويكيبيديا، فالعربية هي خامس لغة في قائمة اللغات استنادا إلى العدد الكلي لسكان الوطن العربي الذين يستخدمونها بصورة أو بأخرى ويطلقون عليها اللغة الرسمية لبلادهم، ولكن على صعيد آخر- كما يذكر المؤلف- أقامت إحدى الهيئات التابعة للحكومة الأمريكية دراسة تبين اللغات المتحدث بها بخلاف الإنجليزية، وأظهرت هذه الدراسة أن العربية ليست مصنفة من اللغات المتحدث بها، أي أنها ليست في تعداد اللغات الحية.
 هنا لابد من التساؤل حول السبب في اعتبار اللغة العربية ليست من اللغات الحية رغم أننا مازلنا نتحدث بها حتى اليوم، ورغم اعتبارها لغة رسمية في الأمم المتحدة.
يعود السبب الأساس في اعتبار اللغة العربية من اللغات غير الحية إلى الانفصال الكبير بين اللغة الرسمية التي يعمل الأزهر على الحفاظ عليها باعتبارها لغة مقدسة لا يمكن ولا يصح المساس بها، وبين اللغة التي يتواصل بها أفراد المجتمع في المجتمعات العربية المختلفة؛ فاللغة العربية التي يحرص عليها رجال الدين والأزهر هي لغة التراث، أي اللغة الموجودة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وهي اللغة التي تحافظ على علامات الإعراب في أواخر الكلمات من أجل فهم علاقات الفاعلية والمفعولية وغيرها من العلاقات اللغوية والنحوية، ولكن واقع الأمر يؤكد لنا أن هذه اللغة الشديدة الصعوبة لا يمكن لأفراد المجتمع التواصل بها؛ لصعوبتها وعدم القدرة على الحفاظ عليها كما يريد لها علماء الأزهر؛ الأمر الذي يجعل المجتمع يلجأ إلى مستويات أخرى ومختلفة من اللغة انبثقت من الحاجة إلى التواصل الاجتماعي، وهذه المستويات تختلف تماما عن الفصحى أو اللغة الرسمية التي تتخذها الدول العربية كنظام لها، وإن لم تبتعد عن الأصل أي أنها لم تنفصل عنه انفصالا كليا، ومن هنا نشأ شكل من أشكال الازدواجية اللغوية لدى العرب، هذا الشكل تمثل في عدة مستويات من اللغة أولها: لغة التراث الموجودة في القرآن والسنة النبوية، وهو الشكل الذي يستحيل على أفراد المجتمع التواصل من خلاله في التعامل اليومي؛ لأنه يؤدي إلى الكثير من اللحن والأخطاء وعدم القدرة على سلامة اللغة كما هي؛ ومن ثم يصبح هذا الشكل اللغوي مختصا بالدراسة فقط ولا يمكن لأحد أن يتقنه سوى قلة من رجال الدين، كما أن هذا الشكل اللغوي إذا ما تحدث به أحد الأشخاص فهو يؤدي إلى البطء في الكلام والتركيز على العلاقات اللغوية من فاعلية ومفعولية في ذهن المتحدث؛ مما يجعله يهتم بالشكل على حساب المضمون الذي يريد قوله، أي أنه يعوقه عن الاسترسال في أفكاره ببساطة؛ لاهتمامه البيّن بالعلاقات النحوية للكلمات وضبط آخرها.
هذا الشكل أو المستوى الأول من مستويات اللغة هو الشكل الذي يصر عليه رجال الدين واللغة باعتباره الشكل الأمثل؛ ومن ثم فإن أي مستوى آخر منه يعتبرونه لحنا وخروجا عليها، ومن هنا فهو لديهم مجرد لهجة من اللهجات التي لا يمكن الاعتراف بها.
لكن الحاجة الاجتماعية إلى التواصل بشكل سلس، والتعبير عن الأفكار ببساطة، ومن ثم التركيز على المضمون باعتباره الأهم في التواصل، بدلا من التركيز على علاقات الفاعلية والمفعولية أدى إلى اللجوء إلى مستويات أخرى وجديدة في اللغة تستطيع أن تسد الحاجة إلى هذا التواصل ومن ثم رأينا مستوى آخر وهو: فصحى العصر، وهي اللغة الموحدة للعرب سياسيا ورسميا، فنجدها في القوانين والدساتير، والأنباء، والاتفاقيات الرسمية، وكتب العلم والأدب، فهي برغم احتفاظها بقواعد فصحى التراث إلى حد كبير، فإنها استوعبت مصطلحات جديدة وتخلصت من علامات الإعراب، لكنها لجأت إلى تسكين نهايات علامات الإعراب في نهاية كل كلمة على حسب موقعها في الجملة لاستحالة تركيز المتحدث على المعنى وعلامات الإعراب في الوقت نفسه، لكن هذا المستوى من مستويات اللغة يظل شكلا صعبا في التداول اللغوي على المستوى اليومي، بمعنى أنه من الصعب على أفراد المجتمع التواصل من خلاله رغم أنه أسقط علامات الإعراب بتسكين أواخر الكلمات؛ لأنه مستوى من الفصحى لا يستطيع المجتمع التواصل به ومن هنا رأينا مستوى ثالثا للتعامل اليومي وهو عامية المثقفين.
هي السليقة اللغوية لدى النخبة المثقفة، وتتميز بالمرونة والإقناع وتناغمها مع باقي المستويات صعودا وهبوطا على السلم اللغوي كألوان الطيف، فنجد بها بعض قواعد الفصحى، كما أنها تخلت عن عبء القواعد التي  تراها مواكبة للعصر ومناسبة لاحتياجات المجتمع مثل علامات الإعراب وقواعد الفصحى لتمكين المتحدث من التركيز على المضمون وإرسال الفكرة بوظائفها المتعددة من التعبير عن الرأي، أو التحليل، أو الإقناع، أو لتأييد فكرة، أو النقد، أو النقض لفكرة، أو المقارنة. ولعامية المثقفين قواعد ثابتة وواصلة لدلالات يصعب التعبير عنها بسهولة في الفصحى.
لكن هذا المستوى من العربية أيضا لا يمكن للجميع الحديث به؛ لأن غير المثقفين رغم قدرتهم على استيعاب هذا المستوى اللغوي وفهمه إلا أنهم لن تكون لديهم القدرة على الحديث به بسهولة من أجل إيصال مضمون الفكرة التي يريدون التعبير عنها من خلال حديثهم؛ ومن هنا نشأت عامية المتنورين كمستوى لغوي أكثر بساطة ومقدرة على التواصل، وهي لغة الأم، كما أنها السليقة اللغوية في مواقف المواطن العادي اليومية وترجع أهميتها لارتباطها ارتباطا وثيقا باحتياجات الناس الأساسية؛ فهي لغة الأم والبيع والشراء، والاجتماعيات بين الأسرة والأصدقاء. وتتميز بالمرونة ومشاركة الآخرين في مشاعرهم واحتياجاتهم الأساسية، كما تتميز بتناغمها مع باقي المستويات صعودا وهبوطا على السلم اللغوي كألوان الطيف، فنجد فيها بعض قواعد الفصحى، كما أنها تخلت عن عبء القواعد التي لا تراها مواكبة للعصر ومناسبة لاحتياجات المجتمع كعلامات الإعراب وقواعد الفصحى؛ لتمكين المتحدث من التركيز على المضمون وإرسال الفكرة بوظائفها المتعددة من التعبير عن المشاعر، والاحتياجات الأساسية الاقتصادية اليومية، ومشاركة الآخرين في السراء والضراء.
يشير المؤلف هنا إلى وجود مستوى خامس من مستويات اللغة وإن كان غير مهم؛ لأنه يرتبط بظروف خاصة جدا وبالتالي يموت هذا المستوى بمجرد زوال هذه الظروف، وهي عامية الأميين، حيث أنها لغة بلا مستقبل، وكلما زاد التعليم بين طبقة الأميين كلما قلت هذه اللغة، كما أن مستخدمي هذه اللغة كثيرا ما يحاولون الارتقاء بلغتهم في السلم اللغوي والاجتماعي كي لا يكونوا عرضه للسخرية من الطبقات الاجتماعية الأعلى من حيث التعليم والوضع الاجتماعي.
هذه المستويات اللغوية المختلفة هي ما جعلت العديد من الهيئات اللغوية في العالم ترى أن اللغة العربية ليست من اللغات الحية، والسبب في ذلك أننا كأصحاب لغة نعتبر أن اللغة العربية هي المستوى الأول منها، أي فصحى التراث، وكل ما عدا هذا المستوى فهو لا علاقة له بالعربية، وبما أننا غير قادرين على استخدام هذا المستوى من اللغة في حياتنا اليومية نظرا لصعوبته وصرف أذهاننا عند اتباعه عن إيصال المضمون اللغوي الذي نرغب فيه بسبب انشغالنا بالعلاقات بين الكلمات لضبطها، وبما أننا لجأنا إلى مستويات أخرى من العربية التي لا يعترف بها القائمون على هذه اللغة؛ من هنا تكون اللغة العربية- التي أصرّ العاملون عليها بأن الشكل الأمثل لها هو الشكل الأول- مجرد لغة ميتة، أي أنها ليست من لغات التواصل اليومي؛ لأن اللغات الحية هي اللغات التي يتم من خلالها التواصل الاجتماعي اليومي، وإذا ما كان شكل اللغة الذي يعرفه أصحابها غير قابل للتعامل الاجتماعي اليومي بل يصلح للدرس فقط؛ فهو في عرف اللغويين مجرد لغة ميتة وليست من اللغات الحية.
من هنا يحاول المؤلف التحذير من إصرار اللغويين العرب على اعتبار لغة التراث هي اللغة العربية فقط، وأن كل ما عداها مجرد لهجات لا يمكن الأخذ والعمل بها أو التعويل عليها، ومن ثم التعالي على استخدامها باعتبارها شكلا من أشكال اللغة العربية؛ لأن الإصرار على اعتبار المستويات اللغوية مجرد لهجات لا علاقة لها باللغة سيؤدي في نهاية الأمر إلى انفصال هذه المستويات عن اللغة الأم- لغة التراث- واستقلالها بنفسها لتشكيل أشكال لغوية أخرى جديدة ويصبح الأمر مشابها لما حدث مع غيرها من اللغات التي ماتت كالسريانية واللاتينية وغيرها من اللغات التي تجمدت ولم تحاول اكتساب شكلا من أشكال الطواعية لتناسب مقتضيات العصر وتطور المجتمعات فماتت ونشأت عنها لغات أخرى بديلة.
لعل هذا الشكل من الثنائية التي نتجت بسبب تحجر القائمين على اللغة أدى إلى وجود لغتين في العربية وقسّمها إلى شكلين مختلفين، وهذا ما يشير إليه الباحث في قوله: "معظم، إن لم يكن كل المؤسسات الجامعية الدولية الغربية المعنية بتدريس العربية لغير الناطقين بها تقوم بتدريس العربية المعاصرة في صفوف منفصلة عن العامية، وهناك جامعات ومعاهد لغات في أوروبا وغيرها تقوم بتدريس اللهجات عوضا عن العربية، بل إنهم يخيّرون الطلبة الراغبين في دراسة العربية بين الفصحى وإحدى اللهجات العامية، ويرى العديد من المعنيين بشؤون التعليم والطلاب أن هذا التقسيم يعني أن الطلاب يتعلمون لغتين منفصلتين، بدليل أنه لا يمكن الدمج بينهما في صف واحد، ونظرا لاختلاف طبيعة العربية، ومن هنا فعلينا أن نتفهم ونتقبل ما يُقال عنها؛ لأن العنجهية في التعامل إزاء واقع اللغة لن يزيد الطين إلا بلة، فقد أثبتت التجربة أن النزعة إلى التقوقع والخوف من العالم الخارجي تظهر وتستشري بالتوازي مع الانحسار الحضاري، فالحضارات القوية الواثقة من نفسها تكون عادة على استعداد لتقبل الفكر الوافد من الخارج ومناقشته والتعرف عليه ونقل ما قد يفيد منه"، ومن هنا يتخرج لنا مجموعة من الطلاب الذين يتحدثون لغتين مختلفتين لا يمكن لهما أن تلتقيا؛ فالمحكية باعتبارها لغة منفصلة عن لغة التراث – اللغة الرسمية- يؤدي إلى الانفصال الكامل عن لغة التراث ومن ثم اندثارها.
كما أن هذه المستويات من اللغة لم يكن وليد العصر الحديث؛ فاللغة العربية تُعاني منذ نشأتها العديد من المستويات حتى قبل نزول القرآن بها، وهذا دليل على أن اللغة تختلف من مكان لآخر، ومن زمان لآخر، أي أن الثنائيات فيها أمر طبيعي؛ ومن ثم فلا يمكن لها أن تكون على شكل واحد بل عليها أن تقبل بالتطور والتجديد، وفي هذا يقول: "إن الكتب المؤلفة في لحن العامية لا تذكر لنا دلائل على لهجة البدو بالسليقة الصحيحة بدليل وجود اللحن، كما أن علماء اللغة لم يحددوا المعنى الدقيق لكلمة السليقة اللغوية التي قصدوها، ويؤكد على وجهة نظره بوجود مستويين للعربية في تلك الفترة بأن العرب لم يمضوا في حديثهم على سنة لغوية واحدة في أي مناسبة كانت، فقبائل تميم (أي قبائل شرقي الجزيرة في الواقع) ترفع خبر ما النافية خلافا لما ورد في القرآن. وقبائل الحجاز (أي قبائل غربي الجزيرة بما في ذلك قريش) تسهل الهمزة مخالفة بذلك القراءات القرآنية المشهورة. وهذيل تنطق هاء الفصحى عينا. كما أن أهل الحجاز يقولون: هي التمر وهي البر وهي الشعير وهي الذهب. بينما تقول تميم: "هو" لهذا كله. فأين سليقة الفصحى إذن؟ بل نعتقد أن تفسير ما يبدو في أقوالهم من تناقض يكمن في الاعتراف بوجود ما يمكن أن يُسمى هنا "الازدواج اللغوي" عند العرب في تلك الفترة مستويان من اللغة على الأقل. مستوى للخطاب العادي في أمور الحياة اليومية، وفيه يستخدم الفرد لهجة قبيلته المحلية، ومستوى آخر، في المناسبات الرسمية الأدبية، بل كل ما يعنينا هنا هو تقرير الحقيقة المجردة وهي وجود مستويين للغة الإسلام: فصيح ودون الفصيح".
لكن رغم وجود هذين المستويين أو غيرهما من المستويات اللغوية في العربية منذ باكر نشأتها إلا أن علماء اللغة لا يرغبون في الاعتراف بمثل هذه المستويات اللغوية، ويرغبون في تجميد العربية في مستوى واحد فقط هو لغة التراث، أي المستوى اللغوي القرآني، رغم أن العرب لم يعملوا على اللغة ويجتهدوا في تقعيدها إلا بعد نزول القرآن الكريم وتدوينه، وكان السبب الرئيس في تقعيد العربية والعمل على وضع أسس لها هو فهم مقاصد القرآن الكريم، أي أن العمل على العربية والاجتهاد فيها كان من أجل تفسير القرآن وفهم علاقات الفاعلية والمفعولية فيه، ومن ثم لم يكن هدفا لغويا في المقام الأول، كما أنهم حينما اجتهدوا في وضع قواعد اللغة اصطدموا بالعديد من الآيات القرآنية التي خرجت عن قواعدهم اللغوية التي وضعوها؛ فكانوا يلجأون إلى وضع العديد من القواعد الشاذة كي يتلائم الدرس اللغوي مع ما جاء في القرآن؛ الأمر الذي جعل العربية مليئة بالعديد من القواعد الشاذة، وكأن لكل قاعدة ما يضاهيها في الشذوذ عنها.
كل هذه الاضطرابات والثنائيات أدت إلى عدم فهم اللغة حتى من أبنائها، وبات الأمر شديد الصعوبة؛ الأمر الذي يصرف أبناء اللغة عن دراستها إلى العديد من اللغات الأخرى الأسهل من حيث القواعد والمبنى.
إن المشكلة في كل هذه المحظورات اللغوية التي لا تريد الاعتراف بمستوى لغوي آخر غير المستوى التراثي يعود في المقام الأول إلى تقديس اللغة باعتبارها لغة توقيفية نزل بها القرآن الكريم ومن ثم أكسبها قداستها، ومن خلال هذه القداسة بات علماء اللغة غير راغبين في تغيير مستوياتها إلى أي مستوى ثان باعتبار أن هذه المستويات هو تلاعب بقدسية اللغة، ولعل هذا الفكر الذي يذهب إلى قدسية اللغة هو تفكير غير علمي ومتحجر تماما؛ لأن اللغة العربية موجودة في الأساس قبل نزول القرآن، أي أنها لم تكن لغة مقدسة قبله، ومن ثم فنزول القرآن بها لا يمكن له أن يُكسبها أي شكل من أشكال القدسية أو يجعلها أفضل من غيرها من اللغات، وإلا لكان من الممكن لنا القول بأن اللغة السريانية هي لغة مقدسة ما دام الإنجيل قد نزل بها، ولكن الحقيقة أن نزول أي دين بأي لغة من اللغات لا يمكن أن يُكسب هذه اللغة أي قداسة، فلو كان أي دين قد نزل بالإنجليزية مثلا ما كان يمكن لنا أن نعتبرها لغة مقدسة؛ لأن الدين ينزل بلغة المجتمع الذي يكون فيه، وبما أن هذه هي اللغة الموجودة؛ فالنبي ينقلها باللغة التي يعرفها، كما أن علماء اللغة العرب لم تكن اللغة تعنيهم في شيء، إنما هم اشتغلوا على اللغة حينما رغبوا في تفسير النصوص الدينية، وفي هذا يقول المؤلف: "لم يكن البحث اللغوي عند العرب من الدراسات المبكرة التي خفوا لها سراعا، لأنهم وجهوا اهتمامهم أولا إلى العلوم الشرعية والإسلامية وحين فرغوا منها أو كادوا اتجهوا إلى العلوم الأخرى"، وفي هذا ما يُدلل على أن الدرس اللغوي لم يكن همهم في المقام الأول بقدر اهتمامهم بالدرس الديني، وهذا ما يؤكده السيوطي في كتابه "تاريخ الخلفاء" معبرا عن الفكرة بقوله: "إنه منذ منتصف القرن الثاني الهجري بدأ علماء المسلمين يسجلون الحديث النبوي، ويؤلفون في الفقه الإسلامي والتفسير القرآني، وبعد أن تم تدوين هذه العلوم اتجه العلماء وجهة أخرى نحو تسجيل العلوم غير الشرعية ومن بينها اللغة والنحو"، وفي هذا ما يؤكد أن دراسة العرب للغة والنحو لم يكن من أولوياتهم، وأنهم لم يلجأوا إلى ذلك من أجل وضع قواعد للغة التي هي موجودة لديهم منذ القدم، بل من أجل فهم علاقات الكلمات في النص القرآني لاسيما علاقة الفاعلية والمفعولية، وهذا ما يؤكد عليه المؤلف بقوله: "إن الباعث الحقيقي لاهتمام العلماء باللغة في كل الشواهد وكتب الفقه هو ضبط نصوص القرآن الكريم، وتعليم الطلاب لغة القرآن، وجرت مناهج التعليم منذ أقدم العصور الإسلامية على المزج بين المعارف الدينية واللغوية، في الكتاتيب والمساجد والمجتمعات، ثم في المدرسة المنظمة فيما بعد، ومن ثم كان اللغوي غالبا رجل دين، ولا ترى عالما من علماء اللغة القدامى، إلا كان مقرئا، أو مفسرا، أو محدثا، أو متكلما، أو فقيها".
كما أن هذه النظرة الدينية المبالغة المقدسة للغة لم تزل هي النظرة السائدة حتى يومنا هذا، وهو ما يؤكده المؤلف حينما يقول: "مازال الربط بين الدين واللغة قائما ووثيق الصلة، ففي دستور جمهورية مصر العربية لعام 2014م تنص المادة السابعة من الباب الثاني للمقومات الأساسية للمجتمع، الفصل الأول، المقومات الاجتماعية- تنص على أن المؤسسة الدينية المتمثلة في الأزهر الشريف هي المنوطة بعلوم اللغة العربية- فهي تنص على أن: الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم"، وهذا يدل على ربط الدين باللغة؛ الأمر الذي يجعل رجال الدين يقدسون هذه اللغة وغير قادرين على إكسابها أي شكل من أشكال المرونة باعتبار اللغة هي لغة الدين التي لا يصح إجراء أي تعديل أو تغيير عليها؛ الأمر الذي يجعل اللغة متحجرة متكلسة غير قادرة على التغير وتتمسك بالثبات الذي سيؤدي إلى موتها وانفصالها عن المجتمع وما يدور فيه من تغير.
لكن رغم رفض المؤلف لنظرية تقديس اللغة وربطها بالقرآن إلا أنه يقع في خطأ منهجي لا علاقة له بالبحث العلمي ومن ثم يخرجه هذا الخطأ من دائرة البحث إلى أمور أخرى لا علاقة لها به؛ فهو يرى أن هناك العديد من الآيات القرآنية التي جاءت مخالفة للقواعد اللغوية ورغم مخالفة هذه الآيات للقواعد اللغوية فنحن لا يصح لنا أن نتساءل عن السبب في ذلك لأن هذا كلام الله، ولعل هذا الكلام يخرج القول من دائرة البحث إلى دائرة أخرى دعوية لا علاقة لها بالبحث فنراه يقول: "لتوضيح مسألة مخالفة القواعد النحوية لما هو موجود في القرآن، فعلى سبيل المثال، تميل العربية إلى التخلص من توالي الأمثال في أبنيتها إلى جانب قانون المخالفة الصوتية ووضع العازل بين الأصوات وذلك هو طريق الحذف، على سبيل المثال نجد صيغ "تفعّل"، و"تفاعل"، وتفعلل" مع تاء المضارعة، نحو "تتقدم" و"تتعاون"، و"تتحير"، فالكثير في العربية الاكتفاء بتاء واحدة، وفي القرآن الكريم أمثلة عديدة فنجد مثلا أن القرآن ذكر الفعل "تذكّرون" 17 مرة بالحذف، وذلك في مقابل "تتذكرون" 3 مرات بلا حذف لتاء المضارعة، فليس لنا أن نقول لِمَ أو بِمَ؟ فالله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأيضا ذكر الله في الذكر الحكيم بعض الكلمات المؤنثة وذكرت بالتاء المربوطة مرات وبالتاء المفتوحة مثل "رحمة" التي كتبت "رحمت" في سورة البقرة، والأعراف، وهود، ومريم، والروم، والزخرف، وكذلك كلمة "نعمة" التي وردت في عدة مواضع من القرآن بالتاء المفتوحة "نعمت" في تراكيب إضافية، وكلمات مثل امرأة، ومعصية، وغيابة، ومرضاة، وفطرة، وابنة، وبقية قد وردت في تراكيب إضافية في القرآن بالتاء المفتوحة، وكلمات أخرى جاءت تارة بالتاء المربوطة وتارة بالتاء المفتوحة في تراكيب إضافية مثل سنة، وكلمة، ولعنة، وشجرة، وقرة، وجنة، وهذا ما قاله لسان العظمة، لسان الوحي على الرسول الكريم، وليس علينا إلا التسليم والإيمان به".
إن تأملنا للاقتباس السابق يؤكد لنا أن المؤلف هنا خرج من دائرة البحث العلمي الذي لا يعرف التسليم بشيء من دون معرفة السبب إليه، ومن هنا يخرج البحث من إطار البحث العلمي إلى مجال الدعوة وليس البحث؛ لأن هذا التسليم وإلغاء العقل تماما بمثل هذا الشكل تحت دعوى أن النص القرآني لا يصح معه التساؤل يعني أننا لم نعد في إطار البحث، كما أن الوحي الذي يتحدث عنه المؤلف لم يذكر له كيف يكون شكل الكتابة، بالإضافة إلى أن تدوين القرآن قد كان في زمن متأخر بعد نزول القرآن وموت الرسول، أي أن هذه الأخطاء من الممكن جدا أن تكون أخطاء في التدوين حيث دون القرآن العديد من المدونين، وبالتالي فعدم معرفة سبب مخالفة هذه الآيات في التدوين أو البحث عن سبب ذلك يُعد من قبيل التقصير البحثي، كما أن البحث العلمي لا علاقة له بالإيمان والدعوة التي لجأ إليها المؤلف هنا.
إن ما يؤخذ على المؤلف هنا هو إنكار ربط اللغة العربية بالقرآن، وهو الأمر الذي أدى إلى تقديسها باعتبارها لغة توقيفية، وهو ما أدى إلى تأخير البحث اللغوي وعدم ارتباطها بمقتضيات العصر من أجل التطور، في الوقت الذي يحاول هو نفسه التدليل على بعض ما يذهب إليه من نتائج في بحثه اللغوي من خلال الدين ذاته فنراه يقول: "لعل اللغات الرئيسية في العالم مثل اليابانية، أو الفارسية، أو الكورية، ولا أقصد بالطبع اللهجات المحلية، ربما كانت لديانات توحيدية سابقة العهد، وكان لسان الوحي بتلك اللغات ونزلت على رسل من قبل؛ فكما نعلم أن القرآن الكريم لم يقص علينا كل قصص الأنبياء والمرسلين، وعدم معرفتنا ببعض الديانات والرسل لا يعني انتفاء وجودهم، فقد ذكر الفرقان: بعضهم صراحة (28 إن لم أكن أخطأت في الرقم) والبعض الآخر ذُكر بالتلميح دون التصريح، (ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك، وكلم الله موسى تكليما) فهذا قد يؤكد لنا أن اللغات الحية جاءت مع نزول وحي من السماء لأن الدين رحمة، ورحمة الله لا تنقطع عن عباده؛ وعليه يمكننا أن نستنتج هنا أن اللغات الرسمية في العالم قد تكون في أصلها ديانات سماوية، فعلى سبيل المثال، قد نجد في الآيتين الكريمتين في قوله تعالى: (كذّبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود)، و(كذّبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود) فقد نجد في الآيتين الكريمتين إشارة إلى ديانة حول نهر آراس وسط أصحاب الرس في بلاد فارس، وبالنظر في تاريخ الديانات التي ظهرت في تلك المنطقة، سنجد الزرادشتية ظهرت هناك ودعا زرادشت قومه إلى الإيمان بوحدانية الله".
من خلال ما ذهب إليه المؤلف هنا يمكننا التأكيد على خروجه عن قواعد البحث العلمي وتحول كلامه إلى مجرد كلام دعوي إيماني مطلق يمتلك الحقيقة الكاملة التي تتنافى مع آليات البحث العلمي، وبما أنه اعتمد في مقدماته على أمور لا يمكن التأكد منها إلا من خلال إيمانه المطلق؛ فالنتائج التي توصل إليها تصبح نتائج مشكوكا فيها ولا يمكن التأكد منها، أي أنها محض هراء لا علاقة له بالبحث العلمي الذي يبتعد تماما عن اليقين ويعمل من خلال دائرة الاحتمال أو التشكك، وهنا يصبح هذا الكلام الذي ذكره المؤلف من قبيل الفضفضة الإيمانية المطلقة التي لا يمكن التعويل عليها ما دام ينطلق من منطلق الإيمان المطلق؛ ومن ثم إذا ما تأملنا عبارته: "فهذا قد يؤكد لنا أن اللغات الحية جاءت مع نزول وحي من السماء لأن الدين رحمة، ورحمة الله لا تنقطع عن عباده"، سنتأكد أنها مجرد عبارة إنشائية لا يمكن لها الورود في الأبحاث العلمية بقدر ورودها في الكتب الدعوية فقط.
لكن لعل الكارثة العظمى التي كانت في هذا الكتاب الذي يبحث في اللغة العربية، أن الكتاب متخم بعدد من الأخطاء الكارثية التي لا يمكن لها أن تأتي من كاتب عادي، فما بالنا بدكتور في الجامعة الأمريكية، ومتخصص في اللغة العربية وتدريسها، ولعلنا هنا لا يمكن أن نلتمس له العذر في أنها كانت مجرد أخطاء طباعية، فرغم أن الكتاب متخم بالكثير جدا من الأخطاء الطباعية؛ مما يدل على أن الكتاب لم تتم مراجعته قبل الطباعة النهائية؛ الأمر الذي كان يجعلني أفهم الكلام في معظم الوقت من سياقه، إلا أن الأخطاء اللغوية كانت كوارث لا يمكن اغتفارها لباحث في اللغة العربية لا يعرف الفارق بين ألف الوصل وهمزة القطع فيكتب "أثار" بدلا من "آثار، و"أقصاء" بدلا من "إقصاء"، و"أمال" بدلا من "آمال"، و"الام" بدلا من "الأم"، و"اشكالية"، بدلا من "إشكالية"، و"الإنطوائية" بدلا من الانطوائية"، و"الأزدواج" بدلا من الإزدواج"، و"أية" بدلا من "آية"، و"احساسه" بدلا من "إحساسه"، و"مسالة" بدلا من "مسألة"، وهكذا على طول الكتاب نجد أن المؤلف لديه كارثة في معرفة مكان الهمزات من عدمها.
كما أنني لم أعرف من يفهم في اللغة من قبل من الممكن أن يقول: من الملفت للنظر، فلا وجود لمفردة "ملفت" في اللغة العربية، وكان على الباحث الذي يقوم بتعليم اللغة العربية معرفة أن الصحيح لهذه المفردة هو "اللافت للنظر" وليس الملفت للنظر، كما أن مفردة "استفز" تُكتب هكذا، لكننا نُفاجأ بها في الكتاب تُكتب "استفذ"، وكلمة "نتساءل" تكون هكذا في الكتابة وليست "نتسائل" على النبر، وحينما نريد القول عن شيء انتهى ولم يعد له وجود نقول: "اندثر" إلا أن المؤلف يكتبها "اندسر" عندما قال: اندسرت لغتهم بدلا من اندثرت لغتهم، وكتب أيضا بشكل خاطئ "كل المحاولات بائت"، بدلا من كل المحاولات باءت، ويبدو أنه لم يتعلم يوما أن حرف الجزم لابد له من حذف حرف العلة فكتب "التي لم تؤتي ثمارها"، في حين أن حرف "لم" لابد له من حذف حرف العلة فتكتب: "التي لم تؤت ثمارها"، وغير ذلك من الكوارث اللغوية التي لا يمكن أن تصدر ممن يعرف العربية، إلا أن الكارثة هنا أن كل هذه الأخطاء الفاحشة تأتي في كتاب يناقش قضية العربية، ومن دكتور يقوم بتدريس اللغة العربية أيضا؛ الأمر الذي يجعلنا نتيقن بأن الأجيال القادمة لن تعرف شيئا عن العربية مطلقا إذا كان هؤلاء الدكاترة هم من يقومون بالتدريس لهم في الوقت الذي هم ليسوا أهلا لتعليم العربية لمن هم دونهم.



محمود الغيطاني


مجلة تراث الإماراتية
عدد مايو 2017م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق